وكتب في 29 منه: «تجد ضمن هذا الكتاب الجواز الذي طلبته، وسيأتيك غدا كتاب من لجنة الأمور الخارجية لتعضيدك في أشغالك.»
وكتب إليه في أول أغسطس: «إن لويس مكب على الشغل في شالون فأنا مسرور منه ... أكثر لي من أخبارك، وحدثني عن الآنسة أوجيني فإنك لا تذكر لي شيئا عنها ولا عن الأولاد الذين يجب عليك إبرازهم ... إنك تنسى نفسك في هذا السبيل ... ألا فاعطنا حفيدا ... اشرع في الأمر ...»
وكتب إليه في 20 أغسطس: «سأسعى في تعيينك قنصلا وفي تعيين فيلنوف - هو حمو جوزيف - مهندسا فيذهب معي إلى تركيا.»
ثم عاد فكتب إليه في 25 منه: «آمل أن تصير قنصلا في مملكة نابولي بعد عقد الصلح معها ...»
وكتب في 6 سبتمبر: «كتبت إلى قرينتك، أما لويس فأنا مسرور جدا منه؛ لأنه محقق أملي فيه وناهج على ما أريد؛ فهو نشيط، ذكي، جيد الصحة، حسن المواهب العقلية، طيب القلب، محب للتدقيق، وأنت تعلم أيها الصديق أني لا أعيش إلا بالسرور الذي أنزله على قلوب أهلي ...»
فحسبنا ما تقدم لنعلم أن رب الحرب كان محبا لآله، كثير التفكير في مصالح إخوته وأخواته حتى في أحرج المواقف التي وقع فيها.
قال بعض النقاد: إن المطامع الشخصية كانت تملأ قلب نابوليون في ذاك الوقت، ولكن مذكرات صديقه بوريين ومذكرات مارمون لا تقوم دليلا على صحة هذا القول، وإذا نظرنا إلى الكتب التي بعث بها إلى أخيه في تلك الأيام أبصرنا في خلال سطورها حقيقة ما كان يشعر به؛ فقد كتب إليه: «أنا قائد لواء في مشاة جيش الغرب، على أني مريض ومضطر إلى طلب الراحة مدة شهرين أو ثلاثة، وسأرى ما يحسن فعله بعد الشفاء.» «الدستور يتلى اليوم، والناس يرجون منه السعادة والراحة، وسأرسل صورته إليك بعد أن يطبع ويمكنني الحصول عليه.»
ثم قال عبارة تدل على حزنه وانقباض صدره وهي: «إن الحياة حلم يمر على جناح السرعة»، وبعد أيام قليلة بعث بكتاب آخر لم يتكلم فيه عن نفسه، وهاك فحواه:
في كل يوم يصدر أمر بالموافقة على بعض مواد الدستور، ولا تزال الراحة وطيدة، على أن الخبز لا يزال مفقودا والجو يبدو رطبا باردا فيؤخر الموسم، ومع ذاك كله فإن الفخفخة واللهو والفنون المستطرفة عادت على منوال مدهش، فمثلت أمس رواية فيدر في الأوبرا وخص دخلها بإحدى الممثلات، فأقبل الجمهور عليها إقبالا كبيرا مع أن الأسعار زادت ثلاثة أضعاف، وحيثما تذهب تجد المركبات وأهل اللباقة وترى النساء رائحات غاديات إلى المسارح والمتنزهات والمكتبات، وإذا دخلت مكتب العالم نفسه وجدت فيه السيدات البارعات في الجمال، إن النساء في هذا البلد دون سائر المعمور لجديرات بأن يدرن دفة السفينة، والرجال مجانين بهن لا يفكرون إلا فيهن ولا يعيشون إلا بهن ولأجلهن ... أما جونو (صديقه) فيعيش هنا كالشيطان وينفق من مال أبيه كل ما يقدر على ابتزازه، وأما مارمون الذي صحبني من مرسيليا فيقيم الآن في مركزه بمدينة مايانس.
كل شيء هنا على ما يرام، والهياج محصور في الجهات الغربية دون سواها، والحوادث التي قام بها جماعة من الشبان هنا لا تخرج عن أعمال الصبية، والمعروف أن جانبا من أعضاء «لجنة الخلاص العام»، سيجدد في الخامس عشر من هذا الشهر فعسى أن يكون الاختيار حسنا.
अज्ञात पृष्ठ