جناح عليه أن يطوف بهما﴾، فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما؟ فقالت عائشة رحمها الله: لو كانت كما تقول كانت ﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ وإنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكان مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله ﷺ عن ذلك فأنزل الله ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾، فهذا عروة إنما أشكل عليه وعلى غيره وجوب السعي بين الصفا والمروة مع قوله تعالى: ﴿فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴾ فأما النهي عن الطواف فلا يقتضيه ذلك اللفظ حسبما بينته عائشة رحمها الله. وأما الجهل بالنقل فإنه ثبت أن النبي ﷺ لما طاف في حجته بالكعبة وخرج عن المسجد وقف على الصفا وقال: " نبدأ بما بدأ الله به".
فنص على العمل بمقتضى الآية ولو كانت منسوخة لفعل نسكه ول يستشهد بالآية، وهي مرتبطة بعضها ببعض بحرف الربط وهو الفاء فدل على أن الآية في كون الصفا والمروة من شعائر الله بمقتضي أن يكون آخرها الأمر بالطواف ليس النهي عنه، وهذا ظاهر فتأمله.
الآية العاشرة قوله تعالى: ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى﴾ إلى قوله: ﴿الرحيم﴾ قال بعض الغافلين: إن قوله: ﴿إن الذين يكتمون﴾ إلى قوله: ﴿اللاعنون﴾ نسخها قوله تعالى: ﴿إلا الذين تابوا﴾
2 / 51