الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون﴾. قد بينا في غير موضع كتبنا أن الإيمان هو التصديق بالقول لما يكنه القلب وبالفعل لما يقتضيه القول ولا يختص بالقلب دون القول والفعل، وجربنا في طلق البيان فيه بما يظهر لمن اطلع عليه في (المشكلين، والمقسط). وإذا كان كذلك، فهؤلاء الذين آمنوا هم الذين صدقوا. وأما الذين هادوا ففيهم ثلاثة أوجه
الأول: تابوا يعني من عبادة العجل، وذلك لقوله تعالى: ﴿إنا هدنا إليك﴾.
الثاني: قيل: نسبتهم إلى يهوذا وعرب فقيل: يهود، ثم حذفت الياء فقيل هود.
الثالث: أنه اسم "علم" وهو اصحه حسب ما بيناه في (الملجئة).
وأما النصارى ففيه خمسة أقوال: الأول أنه جمع نصران كندمان وندامى وأنشدوا:
كما سجدت نصرانة لم (تحنف)
الثاني: قال الخليل ﵀: واحدهم نصري وقيل في الثالث: واحدهم نصراني.
الرابع: سموا بذلك نسبة إلى ناصرة قرية كان ينزلها عيسى ﵇.
الخامس سموا بذلك لقولهم (نحن أنصار الله) وأنشدوا *لما رأيت نبطا أنصارا*.
2 / 39