(تتمة)
[وجوب المباشرة بسد مواقع الهدم حفظًا لها من التنجيس]:
لا شبهة في وجوب سد ما ظهر بالانهدام من الجدار والسقف المحاذي بما يمنع وصول ما يحصل منه التنجيس لداخل الكعبة من طير، سيما (أبابيل) (١)،. فإنه في أقل زمن يبني بيوته في الأماكن التي يتمكن منها ويفرخ فيها ويحصل منه مزيد التنجيس، ومن هرة.
ويكون السد موثقًا بأخشاب أو بحِفْش (٢)، ويطلب أن يسدل عليه ثوب ويكون ذلك على الفور، ولا يتوقف في ذلك على إذن السلطان الأعظم في ذلك، لأنه لا ينتظر لعمارة مثل ذلك وعمله، وإنما ينتظر لعمل الذي يكون على الدوام من الجدار والسقف ونحوهما، لما فيه مع كمال الأجر عند صحة النية من إشادة الكف المنظورة للملوك (٣).
_________
(١) اتفق أكثر المفسرين على تفسير الأبابيل بالطيور الكثيرة المجتمعة، كما في تفسير الطبري والقرطبي وابن كثير وغيرهم، وكان المصنف هنا يعني طيورًا معينة تسمى بهذا الاسم، وللعلامة الإمام الدميري في "حياة الحيوان الكبرى" كلام يوضح عبارة المصنف، قال ﵀ ١/ ٢٧ في مادة (أبابيل): قال ابن عباس: بعث الله الطير على أصحاب الفيل كالبلسان، وقيل: كانت كالوطاويط، وقالت عائشة ﵂: هي أشبه شيء بالخطاطيف. وقال في (الخطاف) ١/ ٤١٨: ويسمى زوار الهند، ويعرف عند الناس بعصفور الجنة، ومنهم من يسمي هذا النوع السنونو، الواحدة سنونوة، وهو كثير في المسجد الحرام يعشش في سقفه في باب إبراهيم وباب بني شيبة، وبعض الناس يزعم أن ذلك هو الطير الأبابيل الذي عذب الله تعالى به أصحاب الفيل. انتهى.
(٢) الحِفْش بالكسر: البيت الصغير جدًّا، أو من شعر، وأحفاش البيت قماشه. قاموس. وفي منائح الكرم ٤/ ٨٢: خصف؛ وفي القاموس: الخصفة محركة: الثوب الغليظ جدًّا.
(٣) وللمصنف رسالة في هذه المسألة سماها: "المواهب والفتوح بعمارة المقام الإِبراهيمي وباب الكعبة وسقفها والسطوح"، تقدَّم الكلام عليها.
1 / 65