عن استنقاذه بأنفسهم أو أمر الاعتناء به من المتغلب عليه وإعادته لمحله ووكول فرض مثل ذلك إلى الخليفة شاهد على توجه فرض مثل هذه الأعمال للخليفة دون الآحاد، فتقاعدوا عنه لئلا يقعوا في الافتئات على ولي الأمر.
[توجيه المصنف لمعنى ما ورد في صحيح مسلم]:
ومما فتح الله علي به: أن حديث الصحيح يومئ إلى توجه فرض الخطاب بعمارة الكعبة للخليفة عن المصطفى ﷺ، وهو خليفة كل عصر وسلطانه على الحرم المكي، وذلك أنه ﷺ قال: "لولا حِدْثان (١) قومك بعهد لهدمت الكعبة ... " الحديث (٢). وقال في الحديث الآخر: "إن بدا لقومك أن يهدموها فتعالي ... "، إلى آخر الحديث (٣).
_________
= جماعة [عن] الدارمي من الشافعية، واستشكله بعض علمائهم، ووجهه الجد ﵀ وقال: إن الخصوصية التي تثبت للحجر من كونه يمين الله في الأرض ويشهد لمن استلمه بحق، وتقبيله ﵇ له غير موجود في الركن الذي هو فيه، انتهى.
أقول: لم أقف على نقل لأصحابنا في صحة ذلك، وما ذكره الجد من التوجيه في غاية القبول، وربما يوافق أصولنا لأنه حيث ثبت هذا الحكم للحجر اقتصر عليه واختص به، دون الركن، فلا ينتقل الحكم إلى الركن ولا يقوم بدلًا عن الحجر، لأن من أصلنا أن نصب البدل بالرأي لا يجوز، أما من أراد الطواف ووقف مستقبل الركن ورفع يديه لأجل النية فينبغي الجواز لأنه محل البداءة، فتأمل، انتهى.
وقال العلامة الخطيب الشربيني -من الشافعية- في "المغني": ١/ ٤٨٨: ويسن أن يكون التقبيل والسجود ثلاثًا كما في "المجموع" عن الأصحاب، وهذا الحكم إنما هو للركن، حتى لو نُحِّيَ الحجَر أو وضع في موضع آخر من الكعبة استلم الركن الذي كان فيه وقبله وسجد عليه، حكاه في "المجموع" عن الدارمي وسكت عليه. انتهى.
(١) حِدْثان؛ بكسر الحاء وإسكان الدال: أي قرب عهدهم بالكفر، والله أعلم. شرح مسلم للإِمام النووي.
(٢) صحيح البخاري كتاب الحج باب فضل مكة وبنيانها، الأحاديث (١٥٨٢) - ١٥٨٦)، ومسلم كتاب الحج، حديث (١٣٣٣).
(٣) هو عند مسلم من بعض طرق حديث عائشة ﵂، (١٣٣٣).
1 / 55