मानव अधिकारों का उद्भव: एक ऐतिहासिक अवलोकन
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
शैलियों
حدث اعتناق النخبة لوجهات النظر الجديدة بشأن الألم والعقوبة على مراحل في الفترة بين ستينيات القرن الثامن عشر ونهاية ثمانينيات نفس القرن. نشر كثير من رجال القانون مذكرات في ستينيات القرن الثامن عشر يستنكرون فيها الجور الذي حدث في تجريم كالاس، لكن على غرار فولتير، لم يعارض أحدهم استخدام التعذيب القضائي أو السحق باستخدام عجلة السحق؛ إذ انصب تركيزهم هم أيضا على التعصب الديني الذي كانوا على قناعة بأنه المحرك لعامة الشعب والقضاة في تولوز. وتناولت المذكرات تعذيب جان كالاس وموته، لكن دون أن تطعن في شرعيتهما باعتبارهما أدوات عقاب.
شكل 2-8: إضفاء الطابع العاطفي على قضية كالاس. (كانت الصورة المطبوعة الأكثر تداولا لقضية كالاس هي هذه الصورة الكبيرة الحجم (34سم × 45سم في الأصل) التي رسمها الفنان وصانع المطبوعات الفنية الألماني دانييل شودوفيكي، والتي نقشها محاكاة للصورة الزيتية التي رسمها هو أيضا للمشهد نفسه. وقد رسخ هذا النقش شهرته، وحافظ على استمرار السخط الذي أثارته عقوبة كالاس في كل الأرجاء. كان شودوفيكي قد تزوج امرأة من عائلة بروتستانتية فرنسية لاجئة في برلين قبل أن يرسم هذه اللوحة بثلاث سنوات فقط.)
في واقع الأمر، أيدت المذكرات التي هي في صالح كالاس في الأساس الافتراضات القائمة وراء التعذيب والعقوبات القاسية؛ فلقد افترض المدافعون عن كالاس أن الجسد المتألم سوف يخبر بالحقيقة؛ وقد أثبت كالاس براءته بذكره الحقيقة حتى عندما كان متألما معذبا (انظر الشكل
2-8 ). وبلغة أنصار كالاس، أكد ألكساندر-جيروم لوسيو دي موليون أن «كالاس صمد أمام الاستجواب [التعذيب] بهذا القدر من الاستكانة البطولية التي لا يملكها سوى بريء». فبينما كانت تكسر عظامه عظمة تلو الأخرى كان كالاس ينطق «هذه الكلمات المؤثرة»: «إني أموت بريئا؛ يسوع المسيح، البراءة نفسها، تمنى أن يموت بآلام أشد قسوة. إن الله يخلص مني خطيئة ذلك الشقي [ابن كالاس]، الذي قتل نفسه ... الله عادل، وأنا أحب عقوباته.» وعلاوة على ذلك، زعم جيروم أن «المثابرة العظيمة» التي تمتع بها كالاس كانت بمنزلة نقطة التحول في مشاعر العامة؛ فلما رآه شعب تولوز يؤكد براءته مرارا وتكرارا في خضم آلامه، بدءوا يشعرون بالشفقة تجاهه ويندمون على شكوكهم السابقة غير المبررة في كالاس الكالفيني. ودوت أصداء كل ضربة من القضيب الحديدي «في أعماق أرواح» أولئك الذين كانوا يشهدون تنفيذ حكم الإعدام، «وزرف جميع الحاضرين الدموع الجارفة» بعد فوات الأوان. ودائما ما ستزرف «الدموع الجارفة» بعد فوات الأوان ما دامت الافتراضات التي يعتمد عليها التعذيب والعقوبات القاسية باقية بلا تشكيك أو مواجهة.
32
كان من أهم هذه الافتراضات أن التعذيب يمكن أن يستحث الجسد على قول الحقيقة حتى عندما يقاوم عقل الفرد ذلك. وكان تقليد الفراسة القديم في أوروبا يؤمن بإمكانية قراءة الشخصية من خلال إشارات الجسد أو إيماءاته؛ ففي أواخر القرنين السادس عشر والسابع عشر، نشرت أعمال متنوعة حول «الفراسة الجبهية» (تحليل نفسي من خلال دراسة شكل الجبهة) التي كانت تعد قراءها بتعلم كيفية قراءة شخصية الفرد أو حظه من خطوط الوجه، أو تجاعيده، أو عيوبه. وكان خير مثال على هذه الأعمال كتاب ريتشارد سوندرز «الفراسة، وقراءة الكف، والفراسة الجبهية، والنسب المتناسقة، وشامات الجسد البارزة، مشروحة شرحا وافيا ودقيقا، مع مدلولاتها التنبئية الطبيعية لكل من الرجل والمرأة» الذي نشر عام 1653. ودون حاجة إلى تبني الأشكال الأكثر تطرفا لهذا التقليد، اعتقد العديد من الأوروبيين أن الأجساد يمكنها أن تكشف الإنسان الداخلي بطريقة لاإرادية. ومع أن بقايا مثل هذا التفكير كانت لا تزال باقية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، في شكل علم فراسة الدماغ على سبيل المثال، فإن العلماء والأطباء انقلبوا ضده بعد عام 1750؛ إذ زعموا أنه لا علاقة بين المظهر الخارجي للجسم والنفس الداخلية أو الشخصية، ومن ثم يمكن للمجرم أن يتظاهر بالبراءة، والبريء قد يعترف أيضا بارتكاب جريمة لم يرتكبها. فكما أكد بيكاريا عندما كان يندد بالتعذيب: «القوي سيفلت والضعيف سيدان.» ووفقا لتحليل بيكاريا: «لا يمكن أن يكون الألم اختبارا للحقيقة، كما لو كانت الحقيقة ساكنة في عضلات وألياف البائس الذي يخضع للتعذيب.» فالألم مجرد شعور لا يرتبط بالحاسة الأخلاقية.
33
لم تذكر حكايات رجال القانون سوى القليل نسبيا حول ردود أفعال كالاس تجاه التعذيب؛ لأن «الاستجواب» تم في الخفاء بعيدا عن أنظار المراقبين. بدا تنفيذ التعذيب في الخفاء أمرا منفرا في نظر بيكاريا؛ فهو يعني أن المتهم فقد «حماية العامة» حتى قبل أن تثبت إدانته، وأن أي قيمة ردعية للعقاب قد ضاعت أيضا. بدأت الشكوك تساور القضاة الفرنسيين أيضا بوضوح، لا سيما بشأن التعذيب الذي يستخدم بغرض انتزاع الاعترافات. وبعد عام 1750، بدأت البرلمانات الفرنسية (محاكم الاستئناف الإقليمية) تتدخل كي تحول دون استخدام التعذيب («التمهيدي») قبل البت في القضية، كما فعل برلمان تولوز في قضية كالاس، كما تراجع عدد أحكام الإعدام التي أصدرها القضاة، وغالبا ما كانوا يأمرون بشنق المدان قبل حرقه على الخازوق أو وضعه على عجلة السحق.
34
لكن القضاة لم يتخلوا تماما عن التعذيب، وما كانوا ليتفقوا مع ازدراء بيكاريا لوضع التعذيب في إطار ديني . واستنكر المصلح الإيطالي بيكاريا باختصار «دافعا آخر للتعذيب يدعو للسخرية، وهو على وجه التحديد: تطهير الإنسان من عار الفعل الخبيث!» ولا يمكن تفسير هذه «السخافة» سوى بأنها «نتاج الدين». فلما كان التعذيب هو ما ألحق العار بالضحية في المقام الأول، فإنه بالطبع لا يستطيع أن يزيل وصمة العار التي لحقت به. ودافع بيير فرانسوا مويارت دي فوجلانس عن التعذيب ضد حجج بيكاريا؛ فمثال البريء الوحيد الذي أدين على نحو خاطئ لا يذكر أمام «المليون الآخرين» الذين كانوا مذنبين بالفعل، لكن لا يمكن الحكم عليهم بدون استخدام التعذيب. وعليه لم يكن التعذيب القضائي مفيدا فحسب، بل يمكن تبريره أيضا بقدم استخدامه وعالميته. وأكد مويارت أن الاستثناءات التي تذكر كثيرا في هذا الصدد إنما هي إثبات للقاعدة التي ينبغي تتبعها عبر تاريخ فرنسا نفسها والإمبراطورية الرومانية المقدسة. وطبقا لما ورد عن مويارت فإن نظام بيكاريا يناقض القوانين الكنسية، والمدنية، والعالمية، «وتجارب كافة البلدان».
अज्ञात पृष्ठ