मानव अधिकारों का उद्भव: एक ऐतिहासिक अवलोकन
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
शैलियों
نسمع شكاوى من أن الروايات تشوش أذهان الناس، وأنا أؤمن بهذا تماما؛ فعندما نضع باستمرار أمام أعين قراء هذه الروايات السحر الزائف لإحدى الضياع التي لا يقتنونها، فإن هذا السحر يغويهم، ويدفعهم إلى النظر إلى مقتنياتهم بازدراء، بل يستبدلون بها في مخيلتهم تلك الضياع التي أغوتهم الروايات باشتهائها. إن محاولة أن نكون ما ليس نحن تحملنا على أن نظن أنفسنا مختلفين عما نحن، وهذا هو الطريق إلى الجنون.
غير أن روسو يمضي قدما في تقديم رواية لقرائه، بل يدعوهم للنزال متحديا؛ فيقول إذا أراد أي شخص أن ينتقدني لكتابتي إياها، فليخبر بهذا كل إنسان على وجه الأرض فيما عداي. وأما أنا، فلن أكن أي تقدير البتة لمثل هذا الرجل. ويعترف روسو في جذل بأن الكتاب قد يصدم جميع الناس تقريبا، لكنه على الأقل لن يقدم مجرد متعة فاترة. توقع روسو تماما ردود أفعال عنيفة من جانب قرائه.
24
ورغم المخاوف التي ساورت كلا من ريتشاردسون وروسو بشأن سمعتيهما، فإن بعض النقاد بدأ بالفعل في تكوين وجهة نظر أكثر إيجابية عن تصنيف الروايات؛ ففي دفاع كل من ساره فيلدينج وفون هوللر عن ريتشاردسون، لفتا الأنظار بالفعل إلى التعاطف - أو الشفقة - الذي توقظه في النفس قراءة رواية «كلاريسا». وبهذه النظرة الجديدة، أثرت الروايات في القراء فجعلتهم أكثر تعاطفا مع الآخرين، بدلا من مجرد الانغماس في النفس، ومن ثم سمت أخلاقهم ولم تنحط. وكان من أكثر المدافعين عن الرواية فصاحة، ديدرو، وهو مؤلف مقال عن الحقوق الطبيعية في «الموسوعة»، وكان هو نفسه روائيا، وعندما مات ريتشاردسون عام 1761، كتب ديدرو تأبينا يشبه فيه ريتشاردسون بأعظم المؤلفين القدماء أمثال هوميروس، ويوربيديس، وسوفوكليس. بيد أن ديدرو أسهب في الحديث عن انغماس القارئ في عالم الرواية فقال: «يتقمص المرء، على الرغم من كل التحذيرات، أحد الأدوار في العمل الفني فيجد نفسه منخرطا في حوار، يستحسن أمورا ويستهجن أخرى، وتعجبه أشياء ويسخط وينقم على أخرى. كم مرة وجدت نفسي فيها - كما يفعل الصغار الذين يصحبون إلى المسرح للمرة الأولى - أصيح: «لا تصدق هذا، إنه يخدعك ... إذا انخرطت في هذا فسيقضى عليك».» ويقر ديدرو بأن قصة ريتشاردسون تخلق انطباعا بأنك موجود ضمن الأحداث، بل انطباعا أن هذا العالم هو عالمك، فلا تقع هذه الأحداث في بلد بعيد عنك أو في موضع غريب أو في قصة من وحي الخيال: «فشخصيات الرواية مستوحاة من المجتمع العادي ... والمشاعر التي يصورها هي نفس المشاعر التي أشعر بها في نفسي.»
25
ولا يستخدم ديدرو مصطلحات مثل «التوحد» أو «التعاطف»، لكنه يقدم وصفا قويا لهما، فيقر بأنك تجد نفسك في الشخصيات وتقفز على نحو تخيلي إلى قلب الأحداث، وتراودك نفس المشاعر التي يشعر بها شخصيات الرواية. خلاصة القول أنك تتعلم التعاطف مع شخص هو ليس نفسك، ولا يمكن الاتصال به اتصالا مباشرا أبدا (على خلاف أفراد العائلة على سبيل المثال)، إلا أنه هو نفسك أيضا ولكن على نحو تخيلي، الأمر الذي يعد عنصرا في غاية الأهمية في عملية التوحد. وهذه العملية تعلل سبب كتابة بانكوك إلى روسو: «مست نقاوة مشاعر جولي شغاف قلبي.»
يعتمد التعاطف على التوحد. يرى ديدرو أن أسلوب ريتشاردسون الروائي يشده على نحو يتعذر تجنبه إلى هذه التجربة؛ فهو بيئة خصبة لنمو التعلم العاطفي: «مررت في غضون ساعات معدودات بعدد هائل من المواقف التي لا يمكن أن يمر بها إنسان طوال حياته مهما طالت ... شعرت أنني اكتسبت خبرة.» ويتوحد ديدرو بشدة مع الرواية، حتى إنه يشعر بالوحشة والشجن بنهاية الرواية، فيقول: «اجتاحتني نفس المشاعر التي يشعر بها أناس ارتبطوا معا بعلاقات وثيقة، وعاشوا معا لفترة طويلة من الزمن، وأصبحوا الآن على شفا الانفصال. ففي النهاية، بدا لي فجأة أنني تركت وحيدا.»
26
أثناء القراءة ينغمس ديدرو في الأحداث ويسترد ذاته في الوقت نفسه، يجتاحه شعور قوي بالانفصال عن ذاته أكثر من ذي قبل - فهو يشعر بالوحدة الآن - لكن يتملكه شعور قوي بأن الآخرين أيضا لهم ذوات. وبعبارة أخرى، يملك ما يطلق هو نفسه عليه تلك «المشاعر الداخلية» ذات الأهمية الكبرى لحقوق الإنسان. ويدرك ديدرو بالإضافة إلى ذلك أن تأثير الرواية غير محسوس على مستوى الوعي؛ إذ يقول: «يجد المرء نفسه مندفعا نحو الخير بنوع من التهور لا يدركه، فعندما يجابه الظلم يجتاحه نوع من الاشمئزاز لا يعرف كيف يعلله لنفسه.» أحدثت الرواية أثرها من خلال الانخراط في الحكاية، وليس من خلال الوعظ الأخلاقي الصريح.
27
अज्ञात पृष्ठ