قوموا أمامها بحق الضيافة كما يليق نحو أمة كريمة نبيلة، فما نسينا ولن ننسى ما فعله أبناؤها معنا مدة الحرب. لا، لا ننسى الدكتور كراهام وقيامه وحده بمستشفى العصفورية مدة سنتين كاملتين، ولا المستر دودج الشاب وتسلقه تلال لبنان صعودا ونزولا، وإطعامه المئات من أطفال الشوف، ولا السيدة الكريمة التي أوقفت في الدائرة جزاء على الإحسان.
قولوا لها: إننا نعرف الجميل ولا ننسى ...
ولكن! ...
نظرة إلى هذه الأحزاب هنا وهناك وهنالك، نظرة إلى مبدعيها وموجديها، نظرة إلى ما يقال هنا وما يقال هناك، ونظرة مقابلة واستنتاج بين ما يجري هنا ويجري هنالك.
يا لله!
ألدرس أحوال البلاد هم قادمون؟
إن سوريا، بطوائفها ومعابدها ومدارسها ومبشريها، سوريا بسهولها وجبالها ووديانها، بل بشجيراتها وأحجارها، سوريا مرسومة ليس على خرائط بل على أدمغة الساسة هناك، حتى أقدر أن أقول: إنها تنتقل من الآباء إلى الأبناء بالوراثة ... قسموا الشرق إلى أشطر، ونحن أمة رضينا منذ مئات من السنين قسمة الجبار فينا، رضينا أن نكون جسرا يعبر عليه الفاتحون شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا، رضينا مرغمين بحق القوة وقوة الحق، ثم انتظرنا الحلفاء والفرج الذي يحملون.
فماذا جرى؟
جرت أعجوبة غريبة، تجمعنا ثم تفرقنا، ثم تحزمنا ثم تحلنا، ثم ترمي بنا إلى الهواء أعوادا تتبعثر هنا وهناك.
حالة نحن فيها كالخارج من حرب، الداخل في أحر منها وأوجع.
अज्ञात पृष्ठ