211

للمذهب ولا ريب ان احرار الفكر والقول قليلون جدا لان الانسان مهما كان ذكيا وعالما فضلا عن الجاهل والبليد لابد ان تطرق سمعه وتحتل ذهنه من حال صغره قضايا ومقدمات تؤثر في دهنه وتنطبع في وجدانه وترسخ فيه بتكرر تعاورها عليه فتجعل بينه وبين ما يخالفها غشاوة تحجب الفكر عن النظر فيه اصالة بل ربما صارت اعتقادا مظنون الصدق فلا يتجاوز الفكر ذلك الاعتقاد ولا يحكم الا بما يوافقه. ولا شك ان هؤلاء الافاضل قد اطلعوا على جميع ما ذكرت من الادلة القرآنية والنبوية ولكنهم لم يبيحوا لافكارهم الاستنتاج منها الا بالمقدار الذي يوافق عقائدهم الراسخة في اذهانهم مما تلقوه عن مقلديهم وتهيبوا مع ذلك عن مخالفتهم الراسخة في اذهانهم مما تلقوه عن مقلديهم وتهيبوا مع ذلك عن مخالفتهم مع اتساع المجال لهم بالتأويل الذي سكنت إليه نفوسهم لمطابقته معتقداتهم ولو ان اولئك الفضلاء اطلقوا لافكارهم عنان الحرية واستنبطوا احكام القضايا التي ذكرناها من مصادرها الاولية من الآيات والاحاديث مع تخلية الذهن عما علق به من غيرها وتجريده عما رسخ فيه من اقوال من تقدمهم التي لاحجة بها ولا التفات إليها في مقابلة قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وآله لحكموا قبلي بما حكمت وقالوا كلهم بما قلت على اني لم آت بدعا من القول ولا جديدا من الاعتقاد بل انا مسبوق في كل ما قلته باقوال كثيرين هم اتقى لله واورع واجل وافضل واعلم من اولئك الذين سكتوا عما ذكرت ولم يصنعوا كما صنعت ولكل وجهة هو موليها. نعم ان كثيرامنهم قد آتاه الله حرية الفكر ولم تتغلب عليه تلك العوامل التي تغلبت على غيره ولكن لم يؤته الله حرية القول قتراه يسكت عن ما يراه صوابا ولا يستطيع الجهر به تهيبا من ذي شوكة أو مداراة للعامة ويتخذ حسن الظن بمن تقدمه عذرا له في سكوته بل قد صرح بعضهم بهذا فقال هكذا وجدنا اقوال كثير من السلف فاحسنا بهم الظن وقلنا كما قالوا ولعل

--- [ 213 ]

पृष्ठ 212