नक़ल से सृजन तक (खंड दो परिवर्तन)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
शैलियों
ثم فحص الأجسام المختلفة الأجزاء. وابتدأ «بالنبات» قبل «الحيوان» اعتمادا على الحس والمشاهدة فأحصاها، وذكر غاية كل عضو، وفحص كل نوع، مادته وعلته الفاعلة وأعراضه. ثم انتقل إلى الحيوان بنفس الطريقة، إحصاء الأعضاء بناء على الحس والمشاهدة وأغراضها وأفعالها.
56
ثم وجد «النفس» ضمن المبادئ الطبيعية التي لم تكن كافية لمعرفة النبات والحيوان بعد أن عرف المبادئ الطبيعية وغايتها. وبان أن الأجسام الطبيعية ضربان، الطبيعة أي ماهية كل جوهر طبيعي وما به يتجوهر. والثاني مبدأ يتجوهر بالطبيعة، أقرب إلى الصورة منه إلى المادة وهي «النفس». ثم فحص قواها ومبادءها. النفس ماهية الجوهر الطبيعي. وهي التي يحصل بها الجوهر النفساني أي القابل للحياة. وتجتمع فيه ثلاثة مبادئ: المادة، والصورة والغاية. ينطبق عليها ما ينطبق على الأجسام الطبيعية. فالنفس واحد وكثير في نفس الوقت. وعرف القوى النفسانية ووجد بعضها خادما وبعضها مخدوما، بعضها رئيسا وبعضها مرءوسا، بعضها آلة وبعضها غاية، بعضها مادة وبعضها صورة لها. أول قواها التغذي وما بها من حرارة وبرودة يشارك فيها النبات والحيوان والإنسان دون استكمال القوى الأخرى من نمو وتوليد كما هو الحال عند ابن سينا. ثم فحص الصحة والمرض في كتاب «الصحة والمرض». وأعمار النفس في «الشباب والهرم»، وطول العمر وقصره دون الإحالة إلى اسم الكتاب، والحياة والموت، والحس والمحسوس في كتاب «الحس والمحسوس». والنفس النباتية قوة متوسطة بين الأجسام الحجرية أي المعادن والحيوان. ثم فحص بعد ذلك أصناف الحركات وأمكنة الحيوان التي يسعى إليها لطلب الغذاء وأزمنة غذائه القصيرة والطويلة؛ وذلك في كتاب «حركات الحيوان المكانية» وربما هو «أجزاء الحيوان». ثم فحص النوم واليقظة والرؤيا والمنامات المنذرة، أسبابها ومبادءها. ووجد أن الأمر يحتاج إلى مبادئ أخرى أعلى من المبادئ الطبيعية ودون الإحالة إلى كتاب «النوم واليقظة». ثم فحص الحفظ والذكر والنسيان والتذكر دون الإحالة إلى «التذكر والنسيان». وهي كلها قوى مشتركة بين الحيوان وهي ما يعرف بالطبيعيات الصغرى.
57
ولما فحص هذه القوى في الإنسان وجد أنها لا تكفي في فهم النفس الإنسانية؛ لأنها معدة لأفعال أقوى وأزيد مما في الحيوان. فوجد في الإنسان النطق أو العقل أو المبادئ والقوى العقلية. فبحث في العقل، طبيعته وماهيته وقواه، وأنه ماهية الإنسان، وهو مبدأ فاعل، وغاية الطبيعة. نسبته إلى النفس كنسبة النفس إلى الطبيعة. وكما أن الجوهر الطبيعي ضربان: مادة وصورة، طبيعة وماهية، جوهر ومبدأ التجوهر، كذلك النفس ضربان؛ مادة وهي النفس، وصورة وهو العقل، قوة ومبدأ. الأولى خادم للثانية، والثانية رئيسة للأولى، لذلك فحص أفعال القوة العقلية وأفعال العقل. والعقل هو ما يتجوهر به الإنسان. وهو عقل كامل ما زال بالقوة في حاجة إلى أن يتحول إلى عقل بالفعل.
والعقل الذي يوجد بالفعل في الأشياء الطبيعية هو العقل العملي أو المشيئة والاختيار، والعقل الذي تحصل له المعقولات هو العقل النظري. وواضح هنا أولوية العقل العملي على العقل النظري. الأول يخدم الأشياء الطبيعية والثاني يخدم الأمور النفسانية ليحصل له كمال العقل. والمعقولات مخدومة لا خادمة. فالعقل آخر ما يتجوهر به الإنسان. ولا يوجد أكمل منه، والنفس خادمة للعقل كما أن الطبيعة خادمة للنفس. ولا تكفي الطبيعة والنفس لكمال الإنسان دون العقل.
والعقل النظري ذاته غير كاف إذا كان ما زال عقلا بالقوة دون أن يتحول إلى عقل بالفعل. والعقل بالقوة ليس أزليا، ومن ثم لا يتحول بالفعل إلا من فاعل قريب من العقل بالفعل وهو العقل الفعال. وهو عقل ليس في مادة. العقل بالفعل يحذو حذوه. ويتصف بصفات ثلاث؛ فهو فاعل وغاية وكمال. وهو عقل مفارق، وفاعل مفارق وغاية مفارقة وكمال مفارق. وإذا كانت الأجسام السماوية هي المبادئ المحركة للأسطقسات والأجسام الأخر فهل العقل مرادف لها خاصة إذا كانت للأجسام السماوية نفوس وعقول؟ وإذا كانت كذلك فإنها لا تكفي، وتكون أقل من العقل الفعال. وهو يشع على الأجسام السماوية فجعلها ذات نفوس وعقول. العقل الفعال أعلى من الأجسام السماوية كما أن الأجسام السماوية أعلى من الأجسام الطبيعية. والعقل الفعال هو الذي يعطيها حركتها المستديرة الدائمة. وهذا يحتاج إلى نظر أعم من النظر الطبيعي. فإن آخر ما ينتهي إليه النظر الطبيعي هو إثبات العقل الفعال ومحرك الأجسام السماوية.
ثبت إذن وجود الطبيعة والنفس في الإنسان، وهما القوتان العملية والنظرية، وكلاهما غير كافيين لفهم الأفعال الكائنة عن المشيئة والاختيار التابعين للعقل العملي. هنا ينتقل الفارابي من النفس والعقل إلى الأخلاق، ويصبح العقل العملي تاليا للعقل النظري بعد أن كان عقلا طبيعيا سابقا عليه. والعقل العملي في الإنسان غير النزوع في الحيوان لأن الأول كمال نظري في حين أن الثاني قوة طبيعية غير مختارة؛ ومن ثم تؤدي الفلسفة الطبيعية إلى الفلسفة الإنسانية.
ولا يفصل الفارابي علم ما بعد الطبيعة وكأنه لا لزوم له ولا مكان له في فلسفة أرسطو. ويكتفي بالتحول من العلم الطبيعي إلى العلم المدني.
58
अज्ञात पृष्ठ