| 1 |
पृष्ठ 1
بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن برحمتك
पृष्ठ 137
أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن الأحنف قال أبنا إسحاق بن أبي اسحاق القراب الحافظ قال أبنا أبو بكر بن محمد بن أبي الفضل بن محمد بن الحسين المزكي قال أبنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الصرام قال ثنا عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله قال
الحمد لله قبل كل كلام وله الحمد في كل مقام وعلى محمد صلوات ربنا وعليه السلام
पृष्ठ 138
أما بعد فقد عارض مذاهبنا في الإنكار على الجهمية ممن بين ظهريكم معارض وانتدب لنا منهم مناقض ينقض ما روينا فيهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه بتفاسير المضل المريسي بشر بن غياث الجهمي فكان من صنع الله لنا في ذلك اعتماد هذا المعارض على كلام بشر إذ كان مشهورا عند العامة بأقبح الذكر مفتضحا بضلالاته في كل مصر ليكون ذلك أعون لنا على المعارض عند الخلق وأنجع في قلوبهم لقبول الحق ومواضع الصدق ولو قد كنى فيها عن بشر كان جديرا أن ينفذ عليهم بعضه في خفاء وستر ولم يفطن له من الناس إلا كل من تبصر غير أنه أفصح باسم المريسي وصرح وحقق على نفسه بن الظن وصحح ولم ينظر لنفسه ولا لأهل بلاده ولم ينصح فحسب امرئ من الخيبة والحرمان وفضحه في الكور والبلدان أن يكون إمامه في توحيد الله تعالى بشر بن غياث المريسي الملحد في أسماء الله المفتري المعطل لصفات ربه الجهمي أنشأ هذا المعارض يحكي في كتاب له عن المريسي من أنواع الضلال وشنيع المقال والحجج المحال ما لم يكن بكل ذلك نعرفه ونصفه فيه برثاثة مناقضة الحجج ما لم يكن يقدر أن يصفه فتجافينا عن كثير من مناقضة المعارض وقصدنا قصد المريسي العاثر في قوله الداحض لما أنه أمكن في الحجاج من نفسه ولم يفطن لغور ما يخرج من رأسه من الكلام المدلس المنقوض والكفر الواضح المرفوض وكيف يهتدي بشر للتوحيد وهو لا يعرف مكان واحده ولا هو بزعمه في الدنيا والآخرة بواجده فهو إلى التعطيل أقرب منه إلى التوحيد وواحده بالمعدوم أشبه منه بالموجود وسنعبر لكم عنه من نفس كلامه ما يحكم عليه بالجحود بعون الملك المجيد الفعال لما يريد
पृष्ठ 142
ولولا ما بدأكم هذا المعارض بإذاعة ضلالات المريسي وبثها فيكم ما اشتغلنا بذكر كلامه مخافة أن يعلق بعض كلامه بقلوب بعض الجهال فيلقيهم في شك من خالقهم وفي ضلال أو أن يدعوهم إلى تأويله المحال لأن جل كلامه تنقص ووقيعة في الرب واستخفاف بجلاله وسب وفي التنازع فيه يتخوف الكفر ويرهب
ولذلك قال عبد الله بن المبارك رضي الله عنه لأن أحكي كلام اليهود والنصارى أحب إلي من أن أحكي كلام الجهمية
पृष्ठ 143
حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال ثنا علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك
فمن أجل ذلك كرهنا الخوض فيه وإذاعة نقائصه حتى أذاعها المعارض فيكم وبثها يبن أظهركم فخشينا ألا يسعنا إلا الإنكار على من بثها ودعا الناس إليها منافحة عن الله وتثبيتا لصفاته العلى ولأسمائه الحسنى ودعا إلى الطريقة المثلى ومحاماة عن ضعفاء الناس وأهل الغفلة من النساء والصبيان أن يضلوا بها ويفتتنوا إذ بثها فيهم رجل كان يشير بعضهم بشيء من فقه وبصر ولا يفطنون لعثراته إذ هو عثر فيكونوا من أخواتها منه على حذر
पृष्ठ 145
وقد كتب إلي علي بن خشرم أنه سمع عيسى بن يونس يقول لا تجالسوا الجهمية وبينوا للناس أمرهم كي يعرفوهم فيحذروهم
पृष्ठ 146
قال أبو سعيد افتتح هذا المعارض كتابه بكلام نفسه مثنيا بكلام المريسي مدلسا على الناس بما يهم أن يحكي ويرى من قبله من الجهال ومن حواليه من الأغمار أن مذاهب جهم والمريسي في التوحيد كبعض اختلاف الناس في الإيمان في القول والعمل والزيادة والنقصان وكاختلافهم في التشيع والقدر ونحوها كي لا ينفروا من مذاهب جهم والمريسي أكثر من نفورهم من كلام الشيعة والمرجئة والقدرية
पृष्ठ 147
وقد أخطأ المعارض محجة السبيل وغلط غلطا كثيرا في التأويل لما أن هذه الفرق لم يكفرهم العلماء بشيء من اختلافهم والمريسي وجهم وأصحابهما لم يشك أحد منهم في إكفارهم
पृष्ठ 149
سمعت محبوب بن موسى الأنطاكي أنه سمع وكيعا يكفر الجهمية
وكتب إلى علي بن خشرم أن ابن المبارك كان يخرج الجهمية من عداد المسلمين
पृष्ठ 150
وسمعت يحيى بن يحيى وأبا توبة وعلي بن المديني يكفرون الجهمية ومن يدعي أن القرآن مخلوق
فلا يقيس الكفر ببعض اختلاف هذه الفرق إلا امرؤ جهل العلم ولم يوفق فيه لفهم
पृष्ठ 151
فادعى المعارض أن الناس تكلموا في الإيمان وفي التشيع والقدر ونحوه ولا يجوز لأحد أن يتأول في التوحيد غير الصواب إذ جميع خلق الله يدرك بالحواس الخمس اللمس والشم والذوق والبصر بالعين والسمع والله بزعم المعارض لا يدرك بشيء من هذه الخمس
पृष्ठ 152
فقلنا لهذا المعارض الذي لا يدري كيف يناقض أما قولك لا يجوز لأحد أن يتأول في التوحيد غير الصواب فقد صدقت وتفسير التوحيد عند الأمة وصوابه قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من جاء بها مخلصا دخل الجنة ) و ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) من قالها فقد وحد الله
पृष्ठ 153
وكذلك روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أهل بالتوحيد في حجته فقال لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر فهذا تأويل التوحيد وصوابه عند الأمة فمن أدخل الحواس الخمس أيها المعارض في صواب التأويل من أمة محمد ومن عدها فأشر إليه غير ما ادعيتم فيه من الكذب على ابن عباس من رواية بشر المريسي ونظرائه ولمن تأول في التوحيد الصواب لقد تأولت أنت فيه غير الصواب إذ ادعيت أن الله لا يدرك ولم يدرك بشيء من هذه الحواس الخمس إذ هو في دعواك لا شيء والله مكذب من ادعى هذه الدعوى في كتابه إذ يقول عز وجل
ﵟوكلم الله موسى تكليماﵞ
ﵟولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهمﵞ
و
ﵟوجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرةﵞ
فأخبر الله في كتابه أن موسى أدرك منه الكلام بسمعه وهو أحد الحواس عندك وعندنا ويدرك في الآخرة بالنظر إليه بالأعين وهي الحاسة الثانية كما قال الله تعالى
ﵟوجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرةﵞ
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ترون ربكم يوم القيامة كما ترون الشمس والقمر جهرا لا تضامون في رؤيته )
पृष्ठ 156
وروى عنه عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان )
पृष्ठ 157
حدثناه عمرو بن عون الواسطي عن أبي معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن عدي عن النبي صلى الله عليه وسلم فذاك الناطق من قول الله وهذا الصحيح المشهور من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأي حواس أبين من هذا فلذلك قلنا إن المعارض من تأول فيه غير الصواب & باب الإيمان بأسماء الله وأنها غير مخلوقة &
ثم اعترض المعارض أسماء الله المقدسة فذهب في تأويلها مذهب إمامه المريسي فادعى أن أسماء الله غير الله وأنها مستعارة مخلوقة كما أنه قد يكون شخص بلا اسم فتسميته لا تزيد في الشخص ولا تنقص يعني أن الله كان مجهولا كشخص مجهول لا يهتدي لاسمه ولا يدرى ما هو حتى خلق الخلق فابتدعوا له أسماء من مخلوق كلامهم فأعاروها إياه من غير أن يعرف له اسم قبل الخلق
पृष्ठ 158
ومن ادعى هذا التأويل فقد نسب الله تعالى إلى العجز والوهن والضرورة والحاجة إلى الخلق لأن المستعير محتاج مضطر والمعير أبدا أعلى منه وأغنى ففي هذه الدعوى استجهال الخالق إذ كان بزعمه هملا لا يدرى ما اسمه وما هو وما صفته والله المتعالي عن هذا الوصف المنزه عنه لأن أسماء الله هي تحقيق صفاته سواء عليك قلت عبدت الله أو عبدت الرحمن أو الرحيم أو الملك العزيز الحكيم وسواء على الرجل قال كفرت بالله أو قال كفرت بالرحمن الرحيم أو بالخالق العزيز الحكيم وسواء عليك قلت عبد الله أو عبد الرحمن أو عبد العزيز أو عبد المجيد وسواء عليك قلت يا الله يا رحمن أو يا رحيم أو يا ملك يا عزيز يا جبار بأي اسم دعوته من هذه الأسماء أو أضفته إليه فإنما تدعو الله نفسه من شك فيه فقد كفر
पृष्ठ 159
وسواء عليك قلت ربي الله أو ربي الرحمن كما قال الله تعالى
ﵟوربنا الرحمن المستعان على ما تصفونﵞ
وقال الله تعالى
ﵟسبح لله ما في السماوات وما في الأرضﵞ
وقال
ﵟوسبحوه بكرة وأصيلاﵞ
كذلك قال في الاسم
ﵟسبح اسم ربك الأعلىﵞ
كما يسبح الله ولو كان مخلوقا مستعارا غير الله لم يأمر الله أن يسبح مخلوق غيره وقال
ﵟله الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرضﵞ
ثم ذكر الآلهة التي تعبد من دون الله بأسمائها المستعارة المخلوقة فقال
ﵟإن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكمﵞ
وكذلك قال هود لقومه حين قالوا
ﵟقالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤناﵞ
فقال لهم ينهاهم
ﵟأتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكمﵞ
يعني أن أسماء الله تعالى لم تزل كما لم يزل الله وأنها بخلاف هذه الأسماء المخلوقة التي أعاروها للأصنام والآلهة التي عبدوها من دونه فإن لم تكن أسماء الله بخلافها فأي توبيخ لأسماء الآلهة المخلوقة إذ كانت أسماؤها وأسماء الله مخلوقة مستعارة عندكم بمعنى واحد وكلها من تسمية العباد ومن تسمية أبائهم بزعمكم
पृष्ठ 160
ففي دعوى هذا المعارض أن الخلق عرفوا الله إلى عباده بأسماء ابتدعوها لا أن الله عرفهم بها نفسه فأي تأويل أوحش في أسماء الله من أن يتأول رجل أنه كان كشخص مجهول أو بيت أو شجرة أو بهيمة لم يشتق لشيء منها اسم ولم يعرف ما هو حتى عرفه الخلق بعضهم بعضا
ولا تقاس أسماء الله بأسماء الخلق لأن أسماء الخلق مخلوقة مستعارة وليست أسماؤهم نفس صفاتهم بل هي مخالفة لصفاتهم وأسماء الله صفاته ليس شيء مخالفا لصفاته ولا شيء من صفاته مخالفا للأسماء
पृष्ठ 161
فمن ادعى أن صفة من صفات الله تعالى مخلوقة أو مستعارة فقد كفر وفجر لأنك إذا قلت الله فهو الله وإذا قلت الرحمن فهو الرحمن وهو الله وإذا قلت الرحيم فهو كذلك وإذا قلت حكيم حميد مجيد جبار متكبر قاهر قادر فهو كذلك وهو الله سواء لا يخالف اسم له صفته ولا صفته اسما
وقد يسمى الرجل حكيما وهو جاهل وحكما وهو ظالم وعزيزا وهو حقير وكريما وهو لئيم وصالحا وهو طالح وسعيدا وهو شقي ومحمودا وهو مذموم وحبيبا وهو بغيض وأسدا وحمارا وكلبا وجديا وكليبا وهرا وحنظلة وعلقمة وليس كذلك
والله تبارك وتعالى اسمه كأسمائه سواء لم يزل كذلك ولا يزال لم تحدث له صفة ولا اسم لم يكن كذلك قبل الخلق كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين وعالما قبل المعلومين وسميعا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين وبصيرا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة
पृष्ठ 162