واختلفوا في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوم: كان ابن خمس وستين، وقيل: كان ابن ثلاث وستين، وقيل: كان ابن ستين، واختلفوا في سن علي عليه السلام، فقيل كان ابن سبع وستين، وقيل: كان ابن خمس وستين، وقيل: ابن ثلاث وستين. وقيل ابن ستين، وقيل: ابن تسع وخمسين. فكيف يمكن مع هذه الاختلافات تحقيق هذا الحال.
وإنما الواجب أن يرجع إلى إطلاق قولهم أسلم على، فإن هذا الاسم لا يكون مطلقا إلا على البالغ. على أن ابن إحدى عشرة سنة يكون بالغا ويولد الأولاد. فقد روت (1) الرواة أن عمرو بن العاص لم يكن أسن من ابنه عبد الله إلا باثنتي عشرة سنة. وهذا يوجب أنه احتلم وبلغ في أقل من إحدى عشرة سنة.
ورووا أيضا أن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس كان أصغر من أبيه علي بن عبد الله بن العباس بإحدى عشرة سنة.
فيلزم الجاحظ أن يكون عبد الله بن العباس حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مسلم على الحقيقة، ولا مثاب، ولا مطيع بالاسلام، لأنه كان يومئذ ابن عشر سنين. رواه هشيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين.
(2) لصفحة 6 - 9 من العثمانية
هذا كله مبنى على أنه أسلم وهو ابن سبع أو ثمان، ونحن قد بينا أنه أسلم بالغا ابن خمس عشرة سنة أو ابن أربع عشرة سنة. على أنا لو نزلنا على حكم الخصوم وقلنا ما هو الأشهر والأكثر من الرواية، وهو أنه أسلم وهو ابن عشر، لم يلزم ما قاله الجاحظ، لان ابن عشر قد يستجمع عقله ويعلم من مبادئ المعارف ما يستخرج به كثيرا من الأمور المعقولة. ومتى كان الصبى عاقلا مميزا كان مكلفا بالعقليات وإن كان تكليفه بالشرعيات موقوفا على حد آخر وغاية أخرى، فليس بمنكر أن يكون علي عليه السلام وهو ابن عشر قد عقل المعجزة فلزمه الاقرار بالنبوة، وأسلم إسلام عارف، لا إسلام مقلد تابع.
पृष्ठ 298