فسواء نكر أو عرف تعريف الطبيعة فإنه لا يعم كل خير، فبقي أن يحمل على بعض الخيرات، وليس تخصيصكم أولى من تخصيصنا.
وعن التاسع: أن العلة الحاملة له على الدخول في هذا الأمر هو المحافظة على طاعة الله بتنفيذ أحكامه كما قال (عليه السلام): " لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر " (1) إلى آخره، وقد تقدم، فكان كل واحد من ظهور الحجة وقيام الناصر والأخذ من الله تعالى على العلماء العهد المذكور شرطا لدخوله في هذا الأمر، وذلك خوفه من قول بني أمية لهذا الأمر شرط أيضا لدخوله فيه، ومعلوم أنه يصدق أن يقال: لولا وجود الشرط لما وجد المشروط، لكن هذا لا ينافي وجود النص لجواز أن يقال: ولولا وجود النص أيضا، ولا يكون قبيحا.
وعن العاشر: أنه إنما قال ذلك لمعرفته بأنهم لا يفلحون في صحة الاجتماع عليه، ولا يتم ذلك الاجتماع منهم، فيحسن حينئذ منه أن يقول هذا الكلام لوجهين:
أحدهما: إنكم ينبغي أن تجروا على قاعدتكم السابقة، بقوله " غيري " (2) فأنا أعلم أن قلوبكم لا تجتمع معي ولا تصفوا لي، فاطلبوا غيري، وأنا أطيعكم وأسمع كما سمعت لمن سبق، وهذا لا ينافي وجود النص في حقه فإنه يعلم أنهم كما قدموا على كثير النص في حال طراوته حين وفاة النبي صلى الله عليه فهم بعد مضي المدة الطويلة أشد إقداما على نفيه، فكيف يحسن منه ذكره في ذلك الوقت.
الثاني: يحتمل أنه إنما قال ذلك ليختبر صدق نياتهم في الإقبال عليه، إذا
पृष्ठ 92