247

يكون ذلك الشيء هو أن يوجد حرارة فلا تكون قوة مسخنة طبيعية أرضية فتلك السخونة تحدث للتصور السماوي لوجه كون الخير فيه كما أنه تحدث هي في أبدان الناس عن أسباب من تصورات الناس وعلى ما عرفته فيما سلف - وأما مثال الثاني فأن يكون ليس المانع عدم سبب التسخين فقط بل وجود المبرد في ذلك أيضا فالتصور السماوي للخير في وجود ضد ما يوجبه المبرد يقسر المبرد. كما يقسر تصورنا للغضب السبب المبرد فينا فتكون أصناف هذا القسم إحالات لأمور طبيعية أو إلهامات تتصل بالمستدعي أو بغيره أو اختلاط من ذلك يؤدي واحد منها أو جملة مجتمعة إلى الغاية النافعة. ونسبة التضرع إلى استدعاء هذه القوة نسبة التفكر إلى استدعاء البيان. وكل يفيض من فوق وليس هذا يتبع تصورات النفوس السماوية. بل الأول الحق يعلم جميع ذلك على الوجه الذي قلنا إنه يليق به ومن عنده يبتدي كون ما يكون ولكن بالتوسط وعلى ذلك علمه فبسبب هذه الأمور ما ينتفع بالدعوات والقرابين وخصوصا في الأمر الاستسقاء وفي أمور أخرى. ولهذا ما يجب أن يخاف المكافأة على الشر ويتوقع المكافأة على الخير. فإن ثبوت حقيقة ذلك مزجرة عن الشر وثبوت حقيقة ذلك يكون بظهور آياته وآياته هي وجود جزئياته. وهذه الحال معقولة عند المبادئ فيجب أن يكون لها وجود فإن لم يوجد فهناك شيء لا ندركه أو سبب آخر يعاوقه وذلك أولى بالوجود من هذا. ووجود ذلك ووجود هذا معا من المحال وإذا شئت أن تعلم أن الأمور التي عقلت نافعة مؤدية إلى المصالح قد أوجدت في الطبيعة على النحو من الإيجاد الذي علمته وتحققته فتأمل حال منافع الأعضاء في الحيوانات والنبات وإن كل واحد كيف خلق وليس هناك البتة سبب طبيعي بل مبدؤه لا محالة من العناية على الوجه الذي علمت. وكذلك فصدق بوجود هذه المعاني فإنها متعلقة بالعناية على الوجه الذي علمت. واعلم أن أكثر ما يقر به الجمهور ويفزع إليه ويقول به فهو حق وإنما يدفعه هؤلاء المتشبهة بالفلاسفة جهلا منهم بعلله وأسبابه. وقد علمنا في هذا الباب كتاب البر والإثم فليتأمل شرح هذه الأمور من هناك وصدق بما كان يحكى من العقوبات الإلهية النازلة على مدن فاسدة وأشخاص ظالمة وانظر أن الحق كيف ينصر. واعلم أن السبب في الدعاء منا أيضا وفي الصدقة وغير ذلك وكذلك حدوث الظلم والإثم إنما يكون من هناك فإن مبادئ جميع هذه الأمور تنتهي إلى الطبيعة والإرادة والاتفاق والطبيعة مبدؤها من هناك. والإرادات التي لنا كائنة بعد ما لم تكن وكل كائن بعد ما لم يكن فله علة وكل إرادة لنا فلها علة وعلة تلك الإرادة ليست إرادة

पृष्ठ 247