جسم فإنها تحتمل التجزي حافظة لطبيعتها لأن ما يبطله التجزي فهو إما شكل وإما عدد وليس شيء منهما بقوة فإذا ليس شيء من القوة الغير متناهية موجودا في الجسم ولا قوة جسمانية غير متناهية فإذا القوة التي تحرك الحركة الأولية المستديرة التي لا نهاية لها ليست بقوة جسمانية بل محرك الحركة الأولية غير جسم ومفارق لكل جسم. فصل في الجهات أقول إنه إن كان خلاء فقط أو أبعاد مفروضة في جسم مفروض أو جسم واحد فقط غير متناه فلا يمكن أن يكون للجهات المختلفة بالنوع وجود البتة فلا يكون فوق وأسفل ويمين ويسار وخلف وقدام وأقول أولا أنه لا يمكن أن تكون الجهة ذاهبة إلى غير النهاية لأن كل جهة موجودة فإليها إشارة ولذاتها اختصاص وانفراد عن جهة أخرى وذاتها حينئذ لا تخلو إما أن تكون متجزئة أو غير متجزئة فإن كانت ذاتها متجزئة وجب أن لا تكون بكليتها جهة بل تكون الجهة منها الجزء الأبعد من جزئها عن المشير وبالجملة ما يكون لها امتداد في جهة لا تكون بنفسها جهة فيجب أن تكون ذاتها غير متجزئة لا محالة وإذا كان ذاتها غير متجزئة وكانت موجودة ذات وضع كانت لا محالة حدا أو غاية فكأن ما وراءها ليس منها فتكون كل جهة لها حد ضرورة لا يتجاوز وتكون الجهة باقية فإذا الجهات كلها محدودة بأطراف ولو فرضنا خلاء غير متناه أو جسما غير متناه لم يكن له أو فيه بالطبع حد فلم يكون فيه بالطبع جهة وأيضا إذا اتفق أن يفرض فيه حدود لما أمكن أن تكون مختلفة بالطبع فيكون مثلا واحد فوقا والآخر سفلا لأن كل طرف وحد يفرض فيه فإنه لا يخالف الآخر إلا بالعدد لأن كلها حدود وأطراف تفرض في طبيعة واحدة وليس واحد منها يختص بشيء يكون لأجله أولى من غيره بالسفلية منه بالفوقية أو من غيره بالفوقية منه بالسفلية وأقول أن الجسم الواحد المتناهى لا يجوز أن يفرض الجهات المتقابلة فيه على أن حدودها في سطحه أو على حدودها في عمقه ولم يجز أن تكون حدودها في سطحه لأن حدودها التي تكون في سطحه لا يخلو إما أن تكون وسطحه كرى أو تكون وسطحه مضلع فإن كان سطحه كريا لم تكن النقط المفروضة فيه متخالفة بالنوع ولا كانت هذه النقطة أولى بأن تكون فوقا من أخرى بأن تكون سفلا وكذلك يمينا وشمالا - وأما إن كان سطحه مضلعا فليس ذلك على ما نبينه بعد بطبيعي له فإنا سنوضح أن الجسم البسيط شكله الطبيعي كرى والأجسام لا تلزم الأمور الخارجة عن طبعها ومع ذلك فإنه إن كانت الجهات
पृष्ठ 108