Nahu Thaqafa Islamiyya Asila

Omar Suleiman al-Ashqar d. 1433 AH
156

Nahu Thaqafa Islamiyya Asila

نحو ثقافة إسلامية أصيلة

प्रकाशक

دار النفائس للنشر والتوزيع

संस्करण संख्या

الرابعة

प्रकाशन वर्ष

١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م

प्रकाशक स्थान

عمان - الأردن

शैलियों

نعم، فلا يرى على عبد نعمة إلا وتمنى زوالها، أو تمنى أن تصير إليه، وقد يعقب الأماني السعي في ذلك، والحسد قلما يشفى منه صاحبه، ولذا أمرنا الله بالاستعاذة من الحاسد وحسده ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)﴾ [الفلق: ١ - ٥]. والحسد أول خطيئة عصى الله بها، فالذي منع إبليس من السجود لآدم الحسد، ﴿قَال أَنَا خَيرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢]. واليهود كفروا بالرسول ﷺ وبما جاء به حسدا، ولم يكتفوا بذلك، بل أعملوا مكرهم في رد المؤمنين عن دينهم ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ [البقرة: ١٠٩]. وقد حذر الرسول ﷺ أمته عن ما يفرق المؤمنين، ويقطع وشائج أخوتهم، ويزرع الأحقاد بينهم، وفي طليعة ما يوجد ذلك الحسد، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا (١) ". وليس من الحسد أن يتمنى المرءُ نعمة مثل النعمة التي أعطيها عبد ما، فذلك هو الغبطة، وليس من الحسد، ففي الصحيحين عن الرسول ﷺ قال: "لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار، قال ابن رجب بعد

(١) انظر الحديث وشرحه في جامع العلوم والحكم لابن رجب: ص ٣٠٧.

1 / 172