المبحث الثالث
دخول أهل المعاصي النار للتطهير وخروجهم منها بالشفاعة
٧٦ - وَيَدْخُلُ نَاسٌ بِالْمَعَاصِي جَهَنَّمًَا ... فَيَاخُذُهُمْ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ الْوِزْرِ (١)
٧٧ - وَيَشْفَعُ فِيهِمْ (٢) سَيِّدُ الْخَلْقِ (٣) أَحْمَدُ ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(١) «وهذا هو محصل ما ورد في أحاديث الشفاعة، وأن العصاة يُخْرَجون من النار بشفاعة الشافعين فوجًا بعد فوج، على قدر ما معهم من إيمان، وأن مكثهم يكون على قدر ما فعلوا من عصيان، نسأل الله - عزوجل - السلامة.
(٢) «ومن أدلة هذه الشفاعة ما أخرجه البخاري (٥/ ٢٤٠١) (٦١٩٨) عن عمران بن حصين ﵄ عن النبي ﷺ قال: (يخرج قوم من النار بشفاعة محمد ﷺ فيدخلون الجنة يسمون الحهنميين)، وما أخرجه أبو داود (٢/ ٦٤٩) (٤٧٣٩)، والترمذي (٤/ ٦٢٥) (٢٤٣٥)، وقال: حسن صحيح غريب، وأحمد (٣/ ٢١٣)، وغيرهم عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي). وفي الباب أحاديث أخرى كثيرة، وانظر كتاب " الشفاعة " للشيخ مقبل ﵀. وإثبات هذه الشفاعة فيه رد على الوعيدية الذين حكموا بخلود أهل الكبائر في النار، وعلى المرجئة الذين قالوا: أنه لا يضر مع الإيمان ذنب، فحكموا لأهل الكبائر بعدم دخول النار، وقد سبقت الإشارة إلى هذه الأقوال.
(٣) «روى مسلم (١/ ٣٨) (٤٦) عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع)، وروى الدارمي في (١/ ٣٨) (٤٦) عن بن عباس قال: (إن الله فضل محمد ﷺ على الأنبياء، وعلى أهل السماء. فقالوا: يا بن عباس بمَّ فضله على أهل السماء؟ قال: إن الله قال لأهل السماء: ﴿وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ الآية وقال الله لمحمد ﷺ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ قالوا فما فضله على الأنبياء قال: قال الله ﷿ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ الآية وقال الله ﷿ لمحمد ﷺ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ فأرسله إلى الجن والإنس)، وصحح إسناده الشيخ: حسين أسد. وقال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد (٣/ ٦٥٥): [فائدة: هل حجرة النبي أفضل أم الكعبة؟ قال ابن عقيل: سألني سائل: أيما أفضل حجرة النبي أم الكعبة؟ فقلت: إن أردت مجرد الحجرة فالكعبة أفضل، وإن أردت، وهو فيها، فلا والله، ولا العرش وحملته، ولا جنه عدن، ولا الأفلاك الدائرة؛ لأن بالحجرة جسدا لو وزن بالكونين لرجح]. وسيأتي - بمشيئة الله - الكلام على المفاضلة بين الأنبياء عند التعليق على البيت (١١٢).
1 / 64