. . . . . . . . . . . . . . . . . ... كَمَا قُلِبَ الْمِزْرُ (١) الْخَبِيثُ مِنَ الْبُرِّ (٢)
٥٩ - وَلَيْسَ اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ مِثْلَ سَمَاعِهِ ... فَفَكِّرْ تَرَى التَّفْرِيقَ إِنْ كُنْتَ ذَا فِكْرِ (٣)
_________
(١) المِزْرُ بِالْكَسْرِ: نبيذٌ يُتَّخَذُ مِنَ الذُّرَة. وَقِيلَ: مِنَ الشَّعِير أَوِ الحِنْطَةِ، وانظر لسان المحكم، والنهاية، وتاج العروس وغيرهم مادة (م ز ر).
(٢) أي القمح وروى مسلم في "صحيحه" (٣/ ١٥٨٧) حديث رقم (٢٠٠٢) عن جابر، أن رجلا قدم من جيشان، وجيشان من اليمن، فسأل النبي ﷺ عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له: المزر، فقال النبي ﷺ: «أو مسكر هو؟» قال: نعم، قال رسول الله ﷺ: «كل مسكر حرام، إن على الله ﷿ عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال» قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: «عرق أهل النار» أو «عصارة أهل النار».
(٣) والاستماع يكون عن قصد وتلذذ، بخلاف السماع فقد يكون بدون قصد ولا تلذذ. قال أبو هلال العسكري في "الفروق": [الفرق بين الاستماع والسماع: قال الفيومي: " يقال " استمع " لما كان بقصد؛ لأنه لا يكون إلا بالاصغاء وهو الميل. و" سمع " يكون بقصد، وبدونه ". انتهى. قلت: ويؤيده قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾ (لأعراف/٢٠٤). إشارة إلى قصدهم إلى ذلك، وميلهم إلى السماع الخالي عن القصد.]، وقال الإمام ابن رجب في نزهة الإسماع (ص/٤٨): [السامع من غير استماع لا يوصف فعله بالتحريم؛ لأنه عن غير قصده منه].
واللهو يحتمل أن يكون محرمًا، ويحتمل أن يكون مباحًا، فإن كان الأول (المحرم): فالتفريق يكون في السماع لأول مرة دون معاودة، كنحو قوله ﷺ لعلي ﵁: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة) - أخرجه أبو داود (١/ ٦٥٢) (٢١٤٩)، والترمذي (٥/ ١٠١) (٢٧٧٧)، وأحمد (٥/ ٣٥١) من حدث ابن بريدة عن أبيه به، والحديث حسنه الشيخ الألباني ﵀، وحسنه لغيره الشيخ الأرناؤوط -.
قال الإمام ابن رجب في " نزهة الأسماع " (ص/٤٩) وهو يتكلم عن الغناء المذموم: [وإن استمر جالسا وقصد الاستماع كان محرما وإن لم يقصد الاستماع بل قصد غيره كالأكل من الوليمة أو غير ذلك فهو محرم أيضا عند أصحابنا وغيرهم من العلماء ...]. وقال أيضًا: (ص/٦٣ - ٦٤): [وقد صنف القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي ﵀ مصنفا في ذم السماع، وافتتحه بأقوال العلماء في ذمه وبدأ بقول الشافعي ﵀: هو لهو مكروه يشبه الباطل. وقوله: من استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته. قال
1 / 50