اتفقت الإمامية والمعتزلة على أنا فاعلون وادعوا الضرورة في ذلك فإن كل عاقل لا يشك في الفرق بين الحركات الاختيارية والاضطرارية وأن هذا الحكم مركوز في عقل كل عاقل بل في قلوب الأطفال والمجانين فإن الطفل لو ضربه غيره بآجرة تؤلمه فإنه يذم الرامي دون تلك الآجرة ولو لا علمه الضروري بكون الرامي فاعلا دون الآجرة لما استحسن ذم الرامي دون الآجرة بل هو حاصل في البهائم. قال أبو الهذيل حمار بشر أعقل من بشر لأن الحمار إذا أتيت به إلى جدول كبير فضربته لم يطاوع على العبور وإن أتيت به إلى جدول صغير جاز لأنه فرق بين ما يقدر عليه وما لا يقدر عليه وبشر لا يفرق بينهما فحماره أعقل منه. وخالفت الأشاعرة في ذلك وذهبوا إلى أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى. نهج الحق ص : 102فلزمهم من ذلك محالات مكابرة الجبرية بضرورة العقل منها مكابرة الضرورة فإن العاقل يفرق بالضرورة بين ما يقدر عليه كالحركة يمنة ويسرة والبطش باليد وبين الحركة الاضطرارية كالوقوع من شاهق وحركة المرتعش وحركة النبض. ويفرق بين حركات الحيوان الاختيارية وحركات الجماد ومن شك في ذلك فهو سوفسطائي إذ لا شي ء ظهر عند العاقل من ذلك ولا أجلى منه.
يلزم الجبرية إنكار الأحكام الضرورية
पृष्ठ 55