ولا هممت ولا غمزت لها ... ما كان إلا الحديث والنظر
حكاية: قال الأصمعي بينما أنا أسير في البادية إذ مررت بحجر كتوبة عليه هذا البيت:
أيا معشر العشاق بالله خبروا ... إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتبت تحته:
يداري هواه ثم يكتم سره ... ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عدت في اليوم الثاني فوجدت مكتوبًا تحته هذا البيت:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى ... وفي كل يوم قلبه يتقطع
فكتبت تحته:
إذا لم يجد صبرًا لكتمان سره ... فليس له شيءٌ سوى الموت ينفعُ
فعدت في اليوم الثالث، فوجدت شابًا ملقى تحت ذلك الحجر ميتًا وكتوب تحت هذه الأبيات:
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا ... سلامي إلى من كان للوصل يمنع
هنيئًا لأرباب النعيم نعيمهم ... وللعاشق المسكين ما يتجرع
حكاية: قيل اجتمعت بنو هاشم يومًا عند معاوية فأقبل عليهم وقال يا بني هاشم إن خيري لكم ممنوع وإن بابي لكم مفتوح فلا يقطع خيري عنكم ولا يرد بابي دونكم ولما نظرت في أمري وأمركم رأيت أمرًا مختلفًا ترون أنكم أحق بما في يدي مني وإن أعطيتكم عطية فيها قضاء حقوقكم قلتم أعطانا دون حقوقنا وقصر بنا عن قدرنا فصرت كالمسلوب والمسلوب لا حمد له هذا مع إنصاف قائلكم وإسعاف سائلكم، قال فأقبل عليه ابن عباس ﵁ وقال والله ما منحتنا حتى سألناك ولا فتحت لنا بابك حتى قرعناه ولئن قطعت عنا خيرك فخير الله أوسع من خيرك ولئن أغلقت دوننا بابك لنكفنّ عنك نفوسنا، وأما هذا المال فليس لك منه إلا ما لرجل من المسلمين ولولا حق لنا في هذا المال لم يأتك منا زائر أكفاك أم أزيدك؟ قال كفاني يا ابن عباس.
حكاية: قيل دخل عقيل بن أبي طالب ﵁ على معاوية بعدما كف بصره فأجلسه معاوية على سريره، ثم قال له: أنتم يا معاشر بني هاشم تصابون في أبصاركم، فقال له وأنتم يا بني أمية تصابون في بصائركم، فخجل معاوية ولم يردّ جوابًا.
حكاية: أخبر الحسن بن سهل قال كنت يومًا عند يحيى بن خالد البرمكي، وقد خلا في مجلسه لإحكام أمر من أمور الرشيد، فبينما نحن جلوس إذ دخل علينا جماعة من أصحاب الحوائج، فقضاها لهم ثم توجهوا لشأنهم فكان آخرهم قيامًا أحمد بن أبي خالد الأحول فنظر يحيى إليه والتفت إلى الفضل ابنه، فقال يا بني إن لأبيك مع أب هذا
1 / 32