لقد ذهب الحمار بأم عمرو ... فلا رجعت ولا رجع الحمار
فقلت أنها ماتت فحزنت عليها وجلست في العزاء، قال الجاحظ فتعجبت عجبًا شديدًا وعلمت أنه مغفل فودعته وسرت.
حكاية: قال الجاحظ ما أخجلني أحد قط إلا امرأة عارضتني في الطريق وقالت لي فيك حاجة فسرت في أثرها وذهبت بي إلى صائغ وقالت مثل هذا ومضت فبقيت مبهوتًا وسألت الصائغ. فقال هذه امرأة أرادت أني أعمل لها صورة شيطان فقلت ما أدري كيف صورته فجاءت بك وفي الجاحظ يقول الشاعر:
لو يمسخ الخنزير مسخًا ثانيًا ... ما كان إلا دون قبح الجاحظ
حكاية: قيل نزل رجل من الأكالين بصومعة راهب، فقدم له أربعة أرغفة وذهب ليحضر له عدسًا فحمله وجاء به فوجده أكل الخبز، فذهب وأتى إليه بالخبز وحده فوجده أكل العدس ففعل ذلك معه عشر مرات فسأله الراهب أين مقصدك؟ فقال إلى الري، فقال له لماذا قصدت؟ قال بلغني أن بها طبيبًا حاذقًا أسأله عما يصلح معدتي فإني قليل الاشتهاء للطعام،
فقال له الراهب إن لي إليك حاجة. قال وما هي؟ قال إذا ذهبت وصلحت معدتك فلا تجعل رجوعك إليّ ثانيًا.
حكاية: قيل اجتمع أبو نواس ودعبل وأبو العتاهية في مجلس من مجالس الشراب فأقاموا فيه ثلاث أيام، فلما كان اليوم الرابع انصرفوا يريدون منازلهم، فقال أبو العتاهية عند من نحن اليوم بعد خروجنا من هذا المجلس؟ فقال أبو نواس في كل منكم فضيلة تعالوا نمتحن قرائحنا في شيء من الشعر فمن كان أشعر كنا عنده فبينما هم يتحدثون إذ أقبلت فتاة كأنها الدرة اليتيمة والجوهرة الثمينة مكللة بالزبرجد موشحة بالعسجد محلاة بالحلي والحلل مبرأة من النقائص والعلل وعليها ثلاثة أثواب من الحرير الأعلى أبيض والأوسط أسود والأسفل أحمر، فقال ابو نواس الحمد لله الذي فتح لنا بهذا فليقل كل منا في ثوب، فقال أبو العتاهية في الثوب الأبيض:
تبدى في ديبقي بياض ... بأجفان وألحاظ مراض
فقلت له عبرت ولم تسلم ... وإني منك بالتسليم راضي
تبارك من كسا خديك وردًا ... وقدك مثل أغصان الرياض
فقال نعم كساني الله حسنًا ... ويخلق ما يشاء بلا اعتراض
1 / 30