والصحيح أن البيان يجب أن يكون إليه طريق ، وعليه دليل ، وكيفية ذلك في رتبة أو قوة ليست بواجبة ، وذلك موقوف على ما يعلمه الله تعالى من المصلحة ، وليس يمتنع تجويزا وتقديرا أن يثبت البيان بخبر الواحد أو القياس ، كما أجزنا أن نخص بهما العموم المعلوم في كتاب الله تعالى ، وإنما الكلام في وقوع ذلك وحصوله ، ولا شبهة في أن العلم بالصلاة وأنا بها مخاطبون ضروري ، وإن لم يجب مثل ذلك في بيانها (1).
[السادس] : فصل في أن تعليق الحكم بصفة
* لا يدل على انتفائه بانتفائها
اختلف الناس في ذلك ، فقال قوم : إن انتفاء الصفة التي علق الحكم عليها لا يدل على انتفاء الحكم عما ليس له تلك الصفة. وإنما يفيد تعليقه بها إثبات الحكم فيما وجدت فيه ، من غير إفادة الحكم في غيره نفيا ولا إثباتا. وإلى هذا المذهب ذهب أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم والمتكلمون كلهم إلا من لعله شذ منهم ، وهو الصحيح المستمر على الأصول. وقد صرح بهذا المذهب أبو العباس بن شريح ، وتبعه على ذلك جماعة من شيوخ أصحاب الشافعي كأبي بكر الفارسي والقفال وغيرهما. وذكر أبو العباس بن شريح ان الحكم إذا علق بصفة فإنما يدل على ما تناوله لفظه إذا تجرد وقد يحصل فيه قرائن يدل معها على أن ما عداه بخلافه ، نحو قوله تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) (2) وقوله جل اسمه : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن ) (3) وقوله تعالى : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) (4) وقوله تعالى : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا ) (5) وقوله عليه السلام : «في
पृष्ठ 166