ويكون مخيرا في الخطاب بأيهما شاء ، على ما ظنه بعض من تكلم في هذا الباب ؛ لأن الخطاب بالمجاز عدول عن الحقيقة الموضوعة ، وتعد إلى ما لم يوضع ، وذلك لا يكون إلا لغرض زائد. وربما يكون الكلام على وجه المجاز أفصح ، وأبلغ ، وأخصر ، فهذا وجه يجوز أن يكون مقصودا (1).
[الرابع] : فصل فيما يصير به العام خاصا
اعلم أن اللفظ الموضوع لأن يستعمل في الاستغراق وفيما دونه إنما يصير خاصا وعبارة عن البعض دون الكل بقصد المخاطب به ، وكذلك متى كان عاما ومتناولا للكل إنما يصير كذلك لكون فاعله مريدا لذلك وقاصدا إليه ، فإذا قلنا : إن الدليل : إما العقلي ، أو السمعي ، خصص اللفظ ، فالمراد أنه دل على كونه مخصوصا ، وعلى أن المخاطب به قصد إلى التخصيص ، فالدليل دال على القصد الذي هو المؤثر في الحقيقة.
وكيف يجوز أن تكون الأدلة هي المؤثرة في تخصيص العام ، وقد يتقدم ويكون من فعل غير المخاطب ، وإنما يؤثر في كلامه ، فيقع على وجه دون آخر ما كان من جهته.
وقد يتجوز ، فيقال في الدليل : إنه مخصص ، والمعنى أنه دل ذلك على التخصيص ، وربما اشتبه ذلك على من لا يتأمله (2).
[الخامس] : باب ذكر جمل الأدلة التي يعلم بها خصوص العموم
اعلم أن الأدلة الدالة على التخصيص على ضربين : متصل بالكلام ، ومنفصل عنه.
पृष्ठ 146