زاد على الواحد ويتعدى ، ولفظ الخصوص لا يتعدى ؛ لأن لفظ العموم إن كان «من» و «ما» وما أشبههما ، فهذا اللفظ عندنا يصلح لكل عدد من العقلاء ، قليل ، أو كثير ، ولجميعهم ، فهو مخالف في نفسه للفظ الخصوص ، وإن كان لفظ الجمع كقولنا المسلمون ، فهذا لفظ يجب تناوله لثلاثة ، ونشك فيما زاد على الثلاثة ، ويجوز في الزيادة الكثرة والقلة ، وأن تبلغ إلى الاستغراق والشمول ، فقد فارق عندنا لفظ العموم لفظ الخصوص ، كما افترقا في التأكيد.
والجواب عما ذكروه خامسا : أنكم قد أخللتم في القسمة بالقسم الصحيح ، وهو أن يكون موضوعة لأن يعبر بها عن كل العقلاء ، وعن بعضهم ، وآحادهم ، صلاحا لا وجوبا ، وقول بعضهم عقيب هذه الطريقة : «وهذا إنما يدل على أن هذه اللفظة تتناول الكل ، فأما الذي يدل على وجوب استغراقها فدليل الاستثناء وطريقة الاستفهام» من العجيب ؛ لأن الخلاف إنما هو في وجوب الاستغراق ، وتناول هذه اللفظة للكل على سبيل الاستغراق ، فأما في الصلاح ، فلا خلاف فيه بيننا ، فنحتاج إلى تكلف دلالة عليه. وهذا يدل على قلة تأمل معتمدي هذه الطريقة.
والجواب عما ذكروه سادسا : أن الفزع عند العزم على العبارة عن العموم إلى هذه الألفاظ إنما يدل على أنها موضوعة لهذا المعنى ، ونحن نقول بذلك ، ولا نخالف فيه ، فمن أين أنها موضوعة لذلك على سبيل الاختصاص به من غير مشاركة فيه ، فإن القدر الذي تعلقتم به لا يدل على ذلك.
ثم نقول لهم : أما يجوز على جهة التقرير أن يضع أهل اللغة لفظة لمعنى من المعاني لا عبارة عنه سواها ، وتكون هذه اللفظة بعينها يحتمل أن تكون عبارة عن غيره على سبيل الاشتراك.
فإن قالوا : لا يجوز ذلك ، طولبوا بالدلالة عليه ، فإنهم لا يجدونها ، وإن أجازوه ، انتقض اعتمادهم على الفزع في العموم إلى هذه العبارة ؛ لأنه قد يمكن أن يفزع إليها وإن لم تكن خاصة له ، بل مشتركة بينه وبين غيره ، إذا كان لم يضعوا له عبارة سواها.
पृष्ठ 144