129

قاطعة ، فلا سبيل إليه ، وقد استقصينا هذه النكتة في الكتاب الشافي (1) غاية الاستقصاء ، وتكلمنا على ما يلزمه مخالفونا في هذا الموضع ، مما هو عائد كله عند الكشف والفحص عنه إلى استيلاف عصمة القوم بغير دلالة.

ثم إذا سلمنا صحة الخبر لم يكن فيه دلالة على ما يدعون ؛ لأنه كالمجمل ، من حيث إنه نفى خطأ منكرا ، فمن أين لهم عمومه في جنس الخطأ ، ولا بد في حمله على ذلك من دليل ولن يجدوه؟!.

وبعد ؛ فإن حملوا لفظة «أمتي» على جميع الأمة ، أو على المؤمنين لزمهم أن يدخل فيه كل من كان بهذه الصفة إلى أن تقوم الساعة على سبيل الاجتماع ، ويبطل أن يكون إجماع كل عصر حجة ، على ما تقدم بيانه.

وربما قيل لهم في الخبر : من أين لكم أنه خبر دون أن يكون نهيا ، ولعل العين من لفظة «تجتمع» ساكنة غير مرفوعة؟ ومن الذي ضبط في إعرابه الرفع من التسكين؟.

وربما قيل لهم ما أنكرتم أن يكون خبرا معناه معنى النهي ، كما جرى في نظائره ، من قوله تعالى : ( ومن دخله كان آمنا ) (2) وقوله صلى الله عليه وآلهوسلم : «الزعيم غارم» (3) و «العارية مردودة» (4) وما لا يحصى كثرة. وهذا لا يلزمهم ، ولهم أن ينفصلوا عنه بأن اللفظ الذي ظاهره موضوع للخبر لا يجوز حمله على الأمر أو النهى إلا بدلالة ، والظاهر في الخبر معنا ، وعلى من ادعى ما نقلنا عن ظاهره الدلالة.

فأما الكلام على من أحال أن يجوز على كل واحد منهم من الخطأ ما لا يجوز على جماعتهم ، وضرب لذلك الأمثال بأن الجماعة إذا كان كل واحد منها أسود ، فلا يجوز أن تكون الجماعة ليست سودا ، وما أشبه ذلك ، فهو اعتماد من لم يحصل ولم يتأمل ؛ لأن مراد من نفي الخطأ عن الجماعة ليس هو نفي

पृष्ठ 247