नफहात रेहाना
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
رشأٌ أخجل البدور إذا ما ... شوَّشت خاطر الفؤادِ الجنوبُ
ما رأينا من قبلِ وجهك أن قد ... حمل البدر في الزَّمانِ قضيبُ
قاتلي في الهوى اللِّحاظُ وهذا ... شاهد الخدِّ من دمي مخضوبُ
قد رماني بأسهمِ الجورِ عمدًا ... وسوى القلبِ سهمه لا يصيبُ
ليت أنَّا لم يخلق الحبُّ فينا ... ليت أو لم يكن فؤادٌ طروبُ
يا أخا الوجدِ هل رأيت قتيلًا ... وهو ظلمًا بنفسهِ مطلوبُ
هذا من قول المتنبي:
وأنا الذي اجتلبَ المنيَّةَ طرفهُ ... فمن المطالبُ والقتيل القاتلُ
وهو أخذه من قول دعبل:
يا ليت شعري كيف يومكما ... يا صاحبيَّ إذا دمِي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدًا ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا
وقد أخذه أبو الحسن الكسروي فحسَّنه، حيث قال من أبيات:
أنا القتيلُ وطرفي قاتلي ودمي ... ما بين قلبي ومن علِّقته هدرُ
يا لقلبٍ أطعته وعصاني ... فهو إلا إلى الهوى لا يجيبُ
خبِّري يا صبا رياض التَّصابي ... فبذِكرِ الهوى فؤادي يطيبُ
عرف القلب فيك رائحة الحبِّ ... ويدري بسمِّهِ المسلوبُ
ساعدتني على النَّحيبِ حمامٌ ... حيث ما لي سوى صداها مجيبُ
أنا والوِرقُ في الطلولِ غريبا ... نِ ويستصحِبُ الغريبَ الغريبُ
غير أنِّي بِها رهين فؤادي ... وهي تأتي وحيث شاءت تؤوبُ
علِّم القلب منطِقَ الطَّير شجوًا ... فله في فنونِهِ تهذيبُ
وله من أخرى، مطلعها:
فيك أمسَى وفيك بالوجدِ أضحى ... مستهامٌ لا يعرف الدَّهر نُصحا
يا غزالًا بوجدِهِ سِقم الصَّب ... رِ من القلب والهوى فيهِ صحَّا
أنت بالهجرِ قد أطلت الليالي ... ومنعت الخيال عنِّي شحَّا
وإذا زرتَ والزَّمان بخيلٌ ... لم أجِد للدُّجى وحقِّك جنحا
أرتجي بالعذارِ ليل وصالٍ ... فأرى تحته لوجهِك صبحا
يا قتيلًا بمذهبِ الحبِّ ظلمًا ... دمه طلَّ وهو يطلب صلحا
شاهِدا قِتلتي فؤادي وطرفي ... وترى في كِلا الشهيدينِ جرحا
قاتلي شادِنٌ أعدَّ لقتلي ... بلحاظٍ عضبًا بالقدِّ رمحا
يا لقلبٍ ما فيه يبرأ جرحٌ ... للتَّصابي إلا أرى فيهِ جرحا
ومريضِ اللِّحاظِ ساهمَ قلبي ... سقم طرفيهِ واستزدْت فشحَّا
علَّمتني جفونُه الوجدَ لما ... أن تلت للحَشا من السِّحرِ شرحا
عارضتني والوجدَ منها عيونٌ ... ما نبا العضبُ لو أعارته صفحا
وله يصف يومًا أطربه فيه الفرح، ونال فيه من اللذة ما اقترح. مع فتية مسامرتهم ألذ من الكأس إذا احتبك المجلس، وأوقعوا من المبلغ النقدِ إذا تملكه المفلس:
يا ربَّ يومٍ قطعته فرحَا ... في روضِ أنسٍ هزاره صدحَا
صفا بهِ العيش لي وجادَ بهِ ... دهرٌ وآمالُ مهجتي منَحا
مع فتيةٍ دام لي الفخارُ بهم ... ومعشرٍ صبحُ فضلهم وضحَا
من كلِّ ندبٍ شهاب فِكرتِه ... لو قابل البدرَ نوره افتضحَا
يومٌ كعهدِ الصِّبا لرقتِهِ ... نالَ بهِ القلب وفقَ ما اقترحَا
طالبت دهري بيومنا زمنًا ... فالآن دهري بهِ لقد سمحَا
أذكرني طيبُ يومِنا زمنًا ... كنت بريمِ الصريمِ مفتضحَا
أيَّام لا أسمع الملامَ ولا ... أصغي للاحٍ إذا صبوت لحَى
رشأٌ غدا يفضح الظِّباء بَهًَا ... بدرُ سنًا طلعت الشُّموسِ محَا
عجِبت من فعلِ سهمِ مقلته ... أردَى عميدَ الهوى وما جرحَا
محجَّب الحسنِ شمسُ وجنتِهِ ... زان بَهَاها الحَيَا لمن لمحَا
1 / 45