327

إضافة إلى هذا ، فإن معركة بدر كانت أول مواجهة مسلحة بين المسلمين والمشركين انفصلت بها صفوف المسلمين عن المشركين ، ولذا سميت ب «يوم الفرقان».

وينبغي الالتفات إلى أن «فرقانا» جاءت بصيغة نكرة ومطلقة ، فدلت على عظمة ذلك النور الإلهي وعلى سعته ، بحيث يشمل المسائل الاعتقادية والعملية وكل ابداء رأي تجاه امور الحياة المهمة ، وعلى هذا ، فثمرة شجرة التقوى هي الولوج في كل خير وبركة والابتعاد عن كل شر وفساد.

يقول الفخر الرازي في شرحه لهذه الآية : بما أن لفظ الفرقان مطلق فينبغي حمله على كل ما يفرق المؤمنين عن الكافرين ، فهذا الفرقان إما في أحوال الدنيا وإما في أحوال الآخرة ، والذي يتعلق بأحوال الدنيا إما أنه يتعلق بالقلب وهي الاحوال الباطنة أو في الأحوال الظاهرة ، فبالنسبة للقلب والباطن فالله يهدي قلوب المؤمنين ويلقي فيها المعرفة ويشرح صدورهم ويمحو عنها الحقد والحسد والبغض والعداوة ، بينما يمتليء قلب المنافق والكافر من هذه الرذائل والصفات السيئة ، لأن القلب إذا تنور بنور الإيمان زالت ظلمات هذه الرذائل عنه ، أما الذي يتعلق بالظاهر ، فالله ينصر المسلمين ويفتح لهم ويمنحهم الرفعة (1).

* *

والآية الثالثة التي هي جزء صغير من أطول آية ، أي بعد أن بينت عددا من الأوامر الإلهية قالت : ( واتقوا الله ويعلمكم الله ). (البقرة / 282)

** يقول القرطبي في تفسيره :

«إنه وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه ، أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه ، وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا ، أي فصلا يفصل به بين الحق والباطل» (2).

पृष्ठ 345