الآية الثالثة تتحدث عن قصه نوح عندما حلت لحظة الطوفان والجزاء الإلهي الشديد على قومه الكفرة والطغاة ، وعندما استعدت السفينة للحركة وصدر الأمر لأصحاب نوح الذين لم يتجاوز عددهم الثمانين بأن يركبوا في الفلك قال (بسم الله مجريها ومرسها) ثم استعان بمغفرة الله ورحمته وقال : ( إن ربى لغفور رحيم ).
* *
وفي الآية الأخيرة كلام عن كتاب سليمان إلى ملكة سبأ بعد أن أخبره الهدهد عن قوم سبأ وعبادتهم للاصنام.
وعندما تناولت ملكة سبأ الكتاب جمعت أعوانها وافراد البلاط وقالت : ( يا أيها الملؤا إنى ألقى إلى كتاب كريم* إنه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلوا على وأتونى مسلمين ).
* *
من مجموع الآيات الأربع المذكورة ندرك جيدا أن ابتداء كل عمل يجب أن يكون ب (بسم الله)، سواء كان في التعليم والهداية مثل سور القرآن أو كان دعاء من العباد مع الذات القدسية مثل سورة الفاتحة ، أو بداية البعثة والرسالة وأول نداء للوحي مثل بداية سورة العلق ، أو أنه بداية الحركة للنجاة من الأخطار والطوفان وبداية توقف السفينة والنزول منها للابتداء بالمنهج الجديد كما في قصة نوح ، أو ابتداء الكتاب المرسل من أجل الدعوة للتسليم إلى الحق كما في كتاب سليمان لملكة سبأ.
وخلاصة الكلام أن العمل سواء كان من الله سبحانه أو من الخلق أو من جبرئيل أو من الأنبياء مثل نوح وسليمان أو من عامة الأفراد ، يجب أن يبدأ ب (بسم الله) ويرتبط بالذات المقدسة ويستمد منه القوة والعلم والإدراك.
وهذا هو معنى الحديث المعروف للنبي صلى الله عليه وآله : «كل أمر ذي بال لم يذكر فيه اسم الله فهو ابتر» (1).
पृष्ठ 25