نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

Group of Authors d. Unknown
83

نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

प्रकाशक

دار الوسيلة للنشر والتوزيع

संस्करण संख्या

الرابعة

प्रकाशक स्थान

جدة

शैलियों

الحياة الأخرى: إذا كانت الحياة الدنيا دار ابتلاء وعمل، فإن الآخرة دار جزاء، وفيها تظهر نتيجة هذا الابتلاء ويلقى الإنسان جزاء ذلك العمل، يقول الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة/ ٧، ٨)، وإذا كانت الدنيا دار فناء فإن الآخرة هي دار بقاء، وقد وصفها الله ﷿ بقوله: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت/ ٦٤)، يقول صاحب لسان العرب: والحياة اسم يقع على كل شيء حي، وسمّى الله ﷿ الآخرة حيوانا لأنها- كما يقول قتادة- هي الحياة الحقيقة، وقال الأزهري: المعنى أن من صار إلى الآخرة لم يمت ودام حيّا فيها لا يموت، فمن أدخل الجنة حيى فيها حياة طيبة، ومن أدخل النار فإنه لا يموت فيها ولا يحيى «١» . وقال القرطبي: إن المعنى هو أن الآخرة هي دار الحياة الباقية التي لا تزول ولا موت فيها «٢» . الحياة الآخرة كما وصفها القرآن: وردت في القرآن الكريم صفات عديدة للحياة الآخرة منها: ١- هي الحياة الحقيقية، وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. (العنكبوت/ ٦٤) . ٢- هي دار القرار، إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (غافر/ ٣٩) . ٣- هي خير من الحياة الدنيا للمتقين. وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (الأنعام/ ٣٢)، قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى (النساء/ ٧٧) . ٤- هي دار العذاب والخسران للكافرين، أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (النمل/ ٥)، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ* (المائدة/ ٣٣)، لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (النحل/ ١٠٩) . ٥- دار تتفاوت فيها درجات الناس ومنازلهم. وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (الإسراء/ ٢١) . ٦- دار مسئولية وجزاء. فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (الحجر/ ٩٢، ٩٣)، وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (الأعراف/ ١٨٠)، أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلامًا (الفرقان/ ٧٥) . علاقة الإنسان بالحياة الآخرة: وانطلاقا من هذه الصفة الأخيرة فإن علاقة الإنسان بالحياة الآخرة هي علاقة مسئولية عمّا قدمت يداه في الحياة الدنيا، وتعنى المسئولية هنا: أن كل إنسان سوف يسأل عن تفاصيل ما ابتلي فيه في الدنيا، وفي ضوء نجاحه أو فشله لتحمل هذه المسئولية يتقرر جزاؤه ومصيره «٣» . فإما إلى جنة عرضها السماوات والأرض وإما إلى جهنم وساءت مصيرا.

(١) لسان العرب ٢/ ١٠٧٧ (ط. دار المعارف) . (٢) تفسير القرطبي ١٣/ ٣٦٢. (٣) فلسفة التربية الإسلامية بتصرف يسير، ص ١٩٥.

1 / 4