لا أحد يحتاج إليها الآن.
ولم تعد هي بحاجة إلى أحد.
إنها الوحدة الحقيقية كما لم تتصور وقوعها يوما.
ها هي مثل بوادر الشتاء وبلا ضجيج، قد جاءت.
وحدة حقيقية لا مهرب منها، الوحدة الفاصلة بين الابن وبينه هو نفسه حين يصبح أبا، وبينها وقد نفدت أمومتها أو ما تبقى منها وبين عودتها من جديد لتصبح هي نفسها ابنة، ابنة لأم لا وجود لها، وربما لهذا سموها أم العواجز؛ فالإنسان لا يستطيع البقاء إنسانا إلا ابنا كان أو أبا، فإذا انتهت رجولته وأبوته عاد ابنا، وإذا انتهت أمومتها عادت ابنة، قاعدة ليس لها شواذ، ولكنها الآن في لحظة واحدة فاصلة، كوحدة السيدة زينب نفسها وقد تجمع حولها وأمسك بحلقات ضريحها أناس كثيرون، رجال ونساء، وكلهم وكلهن وحيدون ووحيدات مثلها. كلهم وكلهن قد أصبح أملهم أن يعودوا أبناء وبنات، وحبذا لأم العواجز، الوحيدة في قبرها رغم ما حوله من ازدحام! يحاول كل متزاحم أن يتشبث إلى درجة البكاء والعويل بحلقة من حلقات الضريح، وكأنما ليلغي ما بينه وبين صاحبة الضريح من مسافة، وينجح في النهاية أن يخرج من وحدته ويحس بها أمه، ولو كانت أم الجميع، فهي أيضا رغم كل شيء وحيدة.
وحيدة في قبرها.
وحولها يتشبث الوحيدون والوحيدات.
والفاتحة لها ولهم. (تمت)
अज्ञात पृष्ठ