عجيب صوتها، أول مرة يسمعه وإن كان كثيرا ما سمع عنه، هادئ ومؤدب، أم هو تمثيل وتأدب؟ - النكتة، آخر نكتة.
حركت تحديقها في وجهه، ورمقت السيدة المسجاة، ثم أرخت عينيها وقالت بصوت منخفض: حرام يا دكتور! حرام! ده وقت نكت؟ - أمال وقت تريكو؟
واغمق وجهها القمحي الشاب خجلا، وكفت أصابعها عن الحركة في الحال، وجمعت الكرة والنسيج والإبر في يد أسقطتها بجانبها، ثم بعد ثبات في مكانها برهة انسلت قائمة متحركة ببطء ناحية النافذة العريضة ذات الزجاج المصنفر، وفتحت ضلفة منها وأطلت برأسها، ثم ما لبثت أن ارتكزت بذقنها على يدها. اعتقد أنها تفعل هذا خجلا، في حين أنها - كما أخبرته بعد هذا - كانت تحاول أن تكتم عنه نوبة الضحك الشديدة التي انتابتها.
ولكنه لحظتها، وبوقوفها ومشيتها وارتكازها، تحول انتباهه إلى الشيء الوحيد الذي غاب عن عينيه طيلة الوقت، انشراح الأنثى. الآن وجهها مختف، وجسدها الخلفي بكامله أمام عينيه، وبمثل ما يرى الإنسان أول ما يرى وجه المرأة من أمام، تسقط عيناه أول ما تسقط حين يراها من الخلف على ساقيها، وجهها الخلفي، وجه نادر الجمال، نادر أن تلتف الساق بلا ترهل أو نحافة، وتتسق مع الوسط والأرداف والكتفين.
كيف استطاعت حواري شبرا المختلفة بازدحامها أن تنبت هذا الجسد السمهري المتسق الفارع؟
أيكون تنمرها وتوحشها علامات أنوثة يسيء الرجال فهمها؟
وأي طراز من الرجال يا ترى تفضل؟ مهما كان طرازها، فبالتأكيد لا يمكن أن ترى مثله في الشاب النحيف الطويل ذي الشعر الأصفر والعينين الملونتين الذي - وإن كان يعجب أغلب البنات والسيدات - ولكنها هي بالتأكيد مختلفة، ومزاجها مختلف.
أيحاول بلا مقدمات أن يجس النبض؟
أم يحترم نفسه كما ظل يحترمها ويقنع بالسكوت؟
6
अज्ञात पृष्ठ