إضافة إلى ما جاء عن «عمرو بن لحي الخزاعي» عند الإخباريين المسلمين باعتباره أول حاجب للبيت، وفي ذلك إشارة واضحة إلى «بداية حجابة البيت مع الخزاعيين القادمين من اليمن»، خاصة إذا علمنا أن هذه الحجابة الأولى للبيت لا تبعد زمانيا عن تاريخ دمار سد مأرب، وتشتت القبائل اليمنية، بأكثر من نصف قرن،
16
مع رواية إخبارية أخرى، تحكي عن «تبع الثاني» أحد ملوك اليمن، الذي قدم البيت الإلهي الحجازي، وطاف به وقام ينحر للناس ويطعمهم، ثم كسا البيت بالبرود اليمنية، «وجعل له مفتاحا
17
ذاك المفتاح الذي استلمه الخزاعيون»، وأصبح فيما بعد محل صراع ونزاع، وانتهى به إلى يد «قصي بن كلاب» الذي ألف القبائل «وقرشهم تقريشا، ومنها: قريش»، ضد خزاعة وأخرجهم من مكة الحجازية، وانتزع منهم البيت. وسواء حدثت قصة «تبع الثاني» أو لم تحدث، فهي تعبير عن ترجيع الذاكرة لصدى أحداث نشأة البيت وظروفه، وعلاقته بأهل اليمن، حتى جعلت مفتاحه بيد قبيلة خزاعة اليمنية، أما الباحثة منقوش، فقد أكدت - على ذمتها - أن كثيرا من عبادات الحج للبيت الحجازي كانت على غرار التقاليد اليمنية القديمة في تأدية فروض العبادة والحج للإله «المقة»،
18
والملفت للنظر أن «تبع» الملك اليمني، الذي سلم خزاعة مفتاح البيت وكهانته، يستدعي إلى الذهن اسم الملكة السبئية التي ذكرتها نقوش الملك الرافدي «آسر حدون»، أقصد الاسم «تبوءة» والغريب في بابه أن الاسم «تبع» في الترجمة الرافدية يصح تماما أن ينطق «تبوءة» أو «تبوءا». وهذا بدوره يستدعي اسم الشهر الخامس من السنة المصرية القديمة تبوة أو «طوبة» ومن المعتاد تسمية الأفراد وبخاصة الملوك بأسماء الشهور، مثل «تموز، أغسطس»، وقد نجد العكس مثل «رجب، شعبان، رمضان، خميس، جمعة ... إلخ»، أما الأكثر إضاءة هنا هو أنك يمكنك العثور على أسماء القبائل العربية في أصول لسانية بالمعاجم العربية، وأن تجد لهذه الأسماء دلالاتها في أسماء الشهور والأيام ، أو في أشياء الطبيعة وظواهرها مثل «حجر، كلب، سهيل، نجم ... إلخ»، أو حتى في فعل مثل «قريش من التقريش أي التأليف والجمع»، أما خزاعة فواضح أنه لم يجد لها اللسانيون أصلا واضحا، فوضعوا لها تخريجا غريبا، هو أنها سميت كذلك لتخزعها أي تأخرها وانقطاعها، والواضح أنه تخريج متكلف، فهل سميت خزاعة بالاسم خزاعة قبل انقطاعها؟
وإذا ما لجأنا إلى اللغة المصرية القديمة، سنجد الكلمة «خو، تكتب هيروغليفيا على هيئة ذراع يحمل مدقا» تعني: حمى أو صان أو حرس،
19
والكلمة «سا، تكتب هيروغليفيا على هيئة ذكر البط» وتعني: ابن،
अज्ञात पृष्ठ