حدثنا ابن دريد، قال: أخبرنا أحمد بن عيسى العكلى، عن ابن أبى خالد، عن الهيثم بن عدى، قال: لقيت صالح بن كيسان وأنا منصرف من عند الأعمش، فقال لى: من أين؟ فقلت: كنت عند الأعمش. فقال: عمّش الله عينك؟ هل علمت أن النابغة كان مخنثا؟ فقلت: سبحان الله! هل رأيته؟ قال: لا. قلت: فحدّثك من رآه؟ قال: لا. قلت: فأنّى علمت ذاك؟ قال: قوله «٣٨»:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتّقتنا باليد
والله ما عرف هذه المعانى إلا عن تفكّك.
قال أبو الحسن محمد بن أحمد بن طباطبا العلوى «٣٩»: من الأبيات التى قصّر فيها أصحابها عن الغايات التى جروا إليها ولم يسدّوا الخلل الواقع فيها معنى ولا لفظا قول النابغة الذبيانى [١٨] «٤٠»:
ماضى الجنان أخى صبر إذا نزلت ... حرب يوائل فيها كلّ تنبال
التنبال: القصير. فإن كان أراد ذلك فكيف صار القصير أولى بطلب الموئل من الطويل؟ وإن جعل التنبال الجبان فهو أعيب؛ لأنّ الجبال خائف وجل اشتدت الحرب أم سكنت وأين كان عن قول الهمدانى «٤١» .
يكرّ على المصاف إذا تعادى ... من الأهوال شجعان الرجال
قال «٤٢»: ومن الأبيات المستكرهة الألفاظ، المتفاوتة النّسج، القبيحة العبارة، التى يجب الاحتراز من مثلها قول النابغة «٤٣»:
يصاحبنهم «٤٤» حتى يغرن مغارهم ... من الضاريات بالدماء الدوارب «٤٥»
1 / 44