ومن سورة النحل
** 397 مسألة :
، فقال تعالى : ( وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين ) [9].
والجواب عن ذلك : أن ظاهره إنما يقتضى أن عليه تعالى قصد السبيل ، ليكون مزيحا لعلة المكلف ومبينا له ما كلفه ، ليفصل بينه وبين الخارج عنه ، وأنه لو شاء لهدى الخلق أجمعين ، ولم يبين ما الذى أراده بالهدى ، وقد علمنا أنه لا يجوز أن يريد بالهدى الدلالة والبيان ؛ لأن ذلك ينقض صدر الآية ، ويدل على أنه لم يفعل ما عليه أن يفعله ، وما التزمه بالتكليف ، ويتعالى الله عن ذلك ، فإذا يجب أن يكون المراد به الثواب.
وقد بينا من قبل : أن الأصل فى الهدى هو الفوز والنجاة ، وأن الأدلة إنما توصف بذلك ، من حيث تفضى إليه ، فمتى حملناه على هذا الوجه لم يخرج عن الحقيقة ، فكأنه تعالى قال : على بيان السبيل الحق الذى من سلكه فاز ، وفى السبيل ما هو جائر وباطل ، وخارج من الاستقامة ، ويفضى بصاحبه إلى الهلاك ؛ ولو شئت لأثبت الجميع ، لكن لا أفعله إلا بمن يستحقه ممن يسلك قصد السبيل.
ثم يقال للقوم : لو كان تعالى هو الذى يخلق فيهم الهدى ، ويوجبه بالقصد والإرادة لم يكن لقوله : ( وعلى الله قصد السبيل ) معنى ؛ لأنه إذا جعلهم كذلك فقد حصلوا مهتدين ، بين لهم ذلك أم لم يبين. فالآية إذا دالة على قولنا فى العدل.
पृष्ठ 434