348

मुतशाबिह क़ुरान

शैलियों

307 مسألة : قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يصرف عن الإيمان ، فقال تعالى : ( ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ) (1).

والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أنه صرف نفس قلوبهم ، وليس فيه أنه صرفهم عن إيمان أو غيره من الأفعال ، فلا ظاهر للقوم يتعلقون به ، ومتى ادعوا فى الكلام أمرا محذوفا فقد تعدوا التعلق بالظاهر ودخلوا تحت التأويل ؛ يبين ذلك أنه ذكر أن بعضهم نظر إلى بعض ، فقال : ( وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض ، هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ) فظاهره يقتضى انصرافهم فى الحقيقة بعد التلاقى. وإذا قيل بعده : ( صرف الله قلوبهم ) ولم يتقدم للكفر ذكر ، فحمله عليه لا يجوز فى الكلام.

وبعد : فإنه لو راد بذلك الكفر والمنع من الإيمان لما جاز أن يجعله كالجزاء على انصرافهم ، لأن انصرافهم هو الكفر ، فلو جعل الجزاء عليه كفرا آخر لوجب فى الثالث أن يجعله مثله جزاء على الثانى. وهذا يوجب ما قدمناه من أن فعله تعالى فيه وعقابه ؛ من حيث كان جزاء ، وفعل العبد من حيث جوزى وعوقب عليه.

وبعد ، فإن الكلام يوجب أنه تعالى إنما صرف قلوبهم إذا انصرفوا ، وعند القوم أنه المبتدئ بالكفر [ وأن ] الله صرف قلبه وإن لم ينصرف ، وكذلك المرتد بعد إيمان ، فلا يجوز أن يحمل إلا على أن المراد به : فلما انصرفوا

पृष्ठ 349