وهذه الآيات والأحاديث إذا تأملها الإنسان فإنها لا تفهم المكان إطلاقا؛ لأنه لو فهم منها المكان لأدى إلى التناقض بين الآيات والأحاديث؛ لأنه مرة يقول: في السماء، ومرة في الأرض، ومرة معنا، ومرة يقول عند أعناق دوابنا، ومرة عند المريض في بيته، ومرة حاضر كل ملأ وشاهد كل نجوى،
وهذه لا تجوز إلا على القول بسرعة الانتقال في هذه المواضع وهذا لا يجوز على الله لأن الانتقال من صفات الأجسام،
أو يقال إنه كبير حتى يغطي بكبره تلك المواضع، وهذا أيضا لا يجوز على الله ولا يقول به أحد.
فلم يبق إلا أن نعرف أن هذه الآيات تعبير من الله لنا بما نفهمه من أن الله مراقب لنا، وشاهد علينا، وخبير بأعمالنا وبما نفعله، وأن الله خالق من في السماء ومن في الأرض، ورازقهم ومدبر شؤونهم ، لا يغيب عنه شيء من أفعالهم وحركاتهم.
ولذا فسر الله ذلك في بعض الآيات فقال: {وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم} [الأنعام:3]، ففسر الله معنى أنه في السماء وفي الأرض بقوله: {يعلم سركم وجهركم}.
هذا معنى أن الله في السماء وفي الأرض، لا على معنى الحلول؛ لأن الله ليس بجسم ولا عرض حتى يجوز عليه الحلول؛ لأن الحلول لا يجوز إلا على الأجسام والأعراض.
पृष्ठ 72