وقد أخذ سكين صيد فقطع ملابسه قطعا صغيرة وألقاها في المستوقد، ثم فتح الباب وعاد إلى فراشه، فنادى الخادم وسأله أن يأتيه بحساء، وشيء من اللحم البارد، وكأس من الخمر، فقال له: أرجوك يا سيدي معذرتي لإبطائي في الحضور إليك؛ فقد ذعرت مما حدث. - ماذا حدث؟ - إن رجال التحقيق هم الآن في المنزل؛ فقد قتل الموسيو فولون في الليل حين كان يجتاز الغابة، وأصيب الموسيو بوفور برصاصة فجرح جرحا غير خطر، والحمد لله. - وأي شأن لرجال التحقيق في منزل بوفور؟ - إنهم عادوا به إلى منزله؛ لأنهم لم يستطيعوا نقله في الليل. - كل هذا طبيعي، فما الذي أخافك؟ - لقد سمعتهم يتحدثون عن مسدس، ورأيت الاضطراب باديا على الموسيو بوفور والدكتور جيرار. - ألا يزال الطبيب هنا؟ - إنه لقي المحققين في الطريق حين انصرافه فعاد معهم. - ألم يسأل الموسيو بوفور عني؟ - كلا. - إذا سألك أحد عني فقل إني مريض وإني نائم.
وانصرف الخادم فقال داغير في نفسه: إنه سيذكر أننا متفقان على المبارزة، ولكنه متى علم أني مريض أرجأها إلى حين شفائي، ومتى شفيت ...
أما جيرار فإنه أخرج الرصاصة من كتفي ورأيته يفحصها وهو قد أخذها دون شك؛ لأني لم أجدها، وكل هذا يدل على ريبه، وإلا فما يريد من احتفاظه بها، فإذا عرف بأمرها رجال التحقيق كنت من الهالكين.
وبعد هنيهة عاد الخادم بالطعام وعليه علائم الاضطراب الشديد، فقال له داغير: ماذا حدث؟
قال: نكبة عظيمة يا سيدي فقد أوقفوا الموسيو بوفور. - بوفور ... قبضوا عليه؟ - نعم يا سيدي كأنه من الممكن الظن بأن يتهم بقتل صديقه فولون، وهو مثال الدعة ومكارم الأخلاق، فما هذا المصاب؟
وقد وضع الطعام على مائدة بجانب السرير وانصرف، فابتسم داغير ابتسام الأبالسة وقال: ما هذه الشهية للطعام فإني لم أكن أجدها في زمن العافية.
ولنقص الآن على القراء ما جرى في المنزل؛ فإن قاضي التحقيق جاء مع بوفور إلى المنزل فقال له: هل لك أن تريني مسدسك؟
قال: دون شك فتفضل بالدخول معي إلى منزلي لترى أني لست من الكاذبين، على أني لا أعلم أية علاقة لي بالشبه بين المسدسين.
فلم يجبه القاضي ودخل معه إلى الحديقة، وهناك رأى بوفور جيرار خارجا منها، فقال له: هل أتيت لتراني؟
قال: كلا، بل أتيت لعيادة الموسيو داغير.
अज्ञात पृष्ठ