وقد لقيه هناك وحده؛ لأن النوتير لم يكن قد رجع بعد، فقال له: إني أراك حزينا يا موسيو فولون لسفر روبير.
قال: هو ذاك؛ فإني لا أستطيع إخفاء كدري. - وإذا فزت بمنع ولدك عن مبارحة فرنسا؟ - هذا محال فقد أفرغت مجهودي في هذا السبيل، فلا يمكن أن تفوز. - من يعلم؟ - أوضح ما تقوله يا موسيو بوفور. - إن ولدك يسافر لأنه يريد الزواج بابنة مرسلين لنجون. - ولأن مدام لنجون لا تريده زوجا لابنتها. - أيوجد مانع يحول دون هذا الزواج؟ - بل يوجد مانعان؛ أحدهما: رفض مرسلين، والثاني: الأسرار المحيطة بما فيها. - إن المانع الأول قد زال. - ماذا تقول؟ أرضيت مدام لنجون؟ - نعم، رضيت زواج روبير لمودست. - أأنت الذي حملتها على الموافقة؟ - بل هي وافقت من نفسها. - والمانع الثاني؟ - أتريد به سر ماضي هذه المسكينة؟ - نعم. - أنا أكشفه لك. - ألعلك من السحرة؟ - ربما. - وهنا سمعا صوت النوتير، فقال بوفور: إن الحديث طويل، فعين موعدا لاجتماعنا غدا فأقصه عليك. - لماذا تؤجله إلى الغد؟ - كيف نجتمع اليوم؟ - هذا بسيط؛ فإنك تذهب معي هذه الليلة إلى قصري فتقص علي الحكاية في الطريق، ثم إنك تذود عني إذا التقينا بلصوص؛ فإني سأحمل أربعمائة وخمسين ألف فرنك ورقا نقديا، فتبيت عندي وغدا نتصيد في الغابة. - لقد رضيت.
وعند ذلك دخل النوتير فانقطع الحديث بهذا الموضوع، وأرسل بوفور رسالة إلى مرسلين لم تتضمن غير هاتين الكلمتين:
الرجاء حسن.
وقد أطلعت مرسلين بنتها على هذه الرسالة، وقالت لها: إن الرسالة بشأنك يا ابنتي فاطمئني، ولا أستطيع أن أزيد شيئا على ما قلته، ولكنك ستعلمين غدا كل شيء. •••
في الساعة التاسعة من مساء هذه الليلة خرج بوفور وفولون من منزل النوتير، فوضع فولون المال في محفظة وركب مركبته مع صاحبه وسافرا.
ولم تكد تسير بهما حتى طلب فولون إلى صديقه أن يقص عليه الحديث.
قال: إني أدخل توا إلى الموضوع؛ فإنك أردت فيما مضى أن تتزوج مدام لنجون. - نعم. - لماذا لم تتزوجها يومئذ؟ - لأنها أبت. - أعرفت سبب رفضها؟ - كلا. - لقد رفضت؛ لأنها متزوجة. - أأنت واثق مما تقول؟ - دون شك. - أتعرف الموسيو لنجون؟ - إنه غير موجود. - الحق أني غير متمرن على حل الألغاز. - لا يوجد ألغاز؛ فقد قلت إنه غير موجود؛ لأن مرسلين كانت تتنكر بهذا الاسم. - ومن هو زوجها ألعلك تعرفه؟ - نعم. - قل لي اسمه فقد سئمت الاصطبار. - إن زوج مرسلين يدعى بيير بوفور. - فاهتز فولون اهتزازا عنيفا، وقال له بصوت مختنق: أأنت هو؟ - نعم أنا هو، وإنك تعجب دون شك كيف أني أكتم عنك هذا الأمر إلى الآن. - هو الحق ما تقول. - إني كتمته لأني لم أكن أعلم قبل اليوم أن مرسلين لنجون امرأتي.
فنظر إليه منذهلا كأنما ظنه مجنونا، وأدرك بوفور معنى ابتسامه فهز رأسه وقال: كلا، لست مجنونا فثق بما أقوله لك، ولكن لا بد لكلامي من إيضاح، وإني موضحه لك فاسمع.
وكان القمر قد تلألأ في السماء، ودخلت المركبة التي كان يسوقها فولون إلى غابة، وساد السكون، فمضى بوفور في حديثه، ولكنه قبل أن يتم جملته سمع وقع خطوات بين الأدغال، فقال لفولون بصوت منخفض: ألا تسمع؟
अज्ञात पृष्ठ