فعض جان شفته حتى كاد أن يدميها، ثم نظر إليه محدقا وقال له: استشر مرسلين إذن فهي تخبرك بأنه يجب أن أكون زوجها.
ثم لكز بطن جواده فانطلق به، وعاد الكونت إلى قصره وهو مضطرب مهموم، لا يعلم مراد هذا الشقي مما قاله؛ حتى وصل ولقي ابنته، فما جسر على أن يسألها؛ لأنه إما أن تكون بريئة فيكون قد أساء إليها بالظن، وإما أن تكون مذنبة فيفضي الأمر إلى انتحارها وانتحاره في أثرها.
وقد أخذ ينظر إليها وهو يخترق بنظراته أعماق قلبها، فلم يطمئن؛ إذ رآها صفراء الوجه حمراء العينين، وأنها لم تكن تستطيع احتمال نظراته إليها، فنظرت بعينها إلى الأرض، فعلل هذا الإطراق باستحيائها منه لاعتقاده أنها خجلت من أن تحب رجلا يعتقد أبوها أنه من الأشرار.
وقد دخل إلى غرفته وهو يقول في نفسه: الويل له، إذا كان كاذبا في ما ادعاه فسأقضي على حياته أو يقضي على حياتي.
وفي اليوم التالي ورد إلى مرسلين كتاب من جان يقول فيه:
لقد لقيت أباك وجددت الطلب فعاد إلى الرفض، فلم يبق لي غير رجاء واحد وهو أن تسعي أنت إلى نيل موافقة أبيك.
فعولت على أن تعمل برأيه ودخلت إلى أبيها، فجلست بجانبه وظهر الاضطراب عليها؛ لأنها لم تكن تجسر على الكلام.
إلى أن مهد لها أبوها السبيل بسؤالها عما بها، فركعت أمامه وقالت بصوت يتهدج بالبكاء.
إنك تعلم يا أبي أني أحب جان داغير، وأنه يحبني، فلماذا لا تريد أن تسعدنا بالزواج؟
قال: كلا؛ فإن هذا لا يكون. - أترضى أن أكون أتعس امرأة في الوجود، وأن تكون أنت سبب شقائي؟ - إنك ستنسينه وسأجد لك زوجا من أكفائك. - ولكني لن أحب ذلك الزوج؛ لأني أحب جان، وماذا تنكر عليه فتنفر منه هذا النفور؟
अज्ञात पृष्ठ