لقد كان جون يعلم أنه أكرم على الحسين من ألوف البيض، وإن الحسين أكرم من أن يراه لئيم الحسب نتن الريح. لم يكن جون في الواقع يخاطب الحسين سبط محمد مكرم الزنوج، بل كان يقف على ذروة من ذروات التاريخ ليقول للأدعياء المفاخرين بألوانهم وأطيابهم، إليكم هذا الذي ترونه في نظركم لئيم الحسب نتن الريح، إليكم به اليوم يطاولكم شرفا وحمية وشجاعة ووفاء فلا تصلون إلى أخمص قدميه. منكم يزيد الأبيض اللون، المتحدر من عبد مناف، المضمخ بالأطياب، ومنكم عبيد الله بن زياد ومنكم شمر بن ذي الجوشن وحجار بن أبجر وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج، منكم قبل هؤلاء وبعد هؤلاء كثيرون، و كلهم يشع بياضا ويعبق طيبا، وكلهم يجر وراءه حلقات آباء وأجداد.
أولئك غدروا بمحمد الذي أخرجهم من الظلمات، فداسوا تعاليمه وحشدوا الحشود على بنيه، أولئك يتهيئون الآن ليرفعوا رؤوس أبناء محمد على رماحهم. وهذا الزنجي وفى لمحمد الذي حرره وأكرم جنسه، فتقدم ليذودكم عن بنيه وبناته وتعاليمه، وهو يتهيأ الآن ليسفك دمه دون ذلك، فأيكم اللئيم الحسب، النتن الريح، الأسود الوجه؟ أأنتم أم هو؟
وحقق الحسين رجاء جون فاذن له، ومشى جون مزهوا ببطولته معتزا بوفائه يود لو أن عيني بلال الحبشي تراه في خطواته هذه، وأن زنوج الدنيا يطلون عليه ليروا كيف مثلهم في موكب البطولات وتكلم باسمهم على منبر التضحيات، وكيف شرفهم ساعة لا شرف إلا للنفوس العظيمة.
لقد ضارب جون الحر أولئك العبيد باعمالهم، السود بقلوبهم، وكان له ما أراد. فامتزج دمه الأسود مع أشرف دم: مع دم الحسين سبط محمد ومع دماء أهل بيته.
ووفى الزنوج لمحمد الذي رفع من شأنهم وأعلى أمرهم، وتحقق ما أراده جون. فلم ينفس عليه الحسين بالجنة، ولم يبخل عليه بان يثبت بأنه كريم الحسب طيب الريح.
الميرزا حبيب بن محمد علي گلشن المتخلص في شعره به (قاآني) ولد في شيراز وتوفي بطهران سنة 1271 ودفن فيها.
كان من كبار الشعراء في قصر فتح علي شاه ومحمد شاه وبداية حكم ناصر الدين شاه القاجاريين.
كان يتيما وهو في السابعة من عمره. درس المقدمات في شيراز وفي أوائل شبابه تثم سافر إلى مشهد الرضا ليتابع دراسته.
كان بارعا في الأدبين الفارسي والعربي حكيما عالما نظيرا لملا صدرا والملا هادي السبزواري، وفي الشرعيات كان في مرتبة عليا، لذلك لقبه فتح علي شاه بمجتهد الشعراء، كما لقبه محمد شاه ب (حسان العجم)، بارعا في الرياضيات والكلام والمنطق.
احتوى ديوانه الشعري على سبعة عشر ألف بيت من الشعر. وله كتاب (پريشان).
الشيخ حسن علي نجابت بن غلام حسين ولد في شيراز وتوفي فيها سنة 1410 ودفن في حرم السيد محمد بن موسى الكاظم (ع).
درس دراسته الأولى في شيراز ثم سافر إلى النجف الأشرف فدرس على السيد أبو الحسن الأصفهاني والسيد عبد الهادي الشيرازي والسيد أبو القاسم الخوئي.
وأخذ دروس الحكمة عن الشيخ محمد علي البروجردي والعرفان عن السيد علي القاضي والآقا محمد جواد الأنصاري الهمذاني. وفي سنة 1328 عاد إلى إيران فأسس في شيراز حوزة علمية وبنى مدرسة كبيرة سماها باسم ابنة الذي استشهد في جبهة عبادان.
له من المؤلفات كتاب البصائر أو القرآن وأهل البيت، وشرح الزيارة الرجبية، والكلمة الطيبة، والبشارة وغير ذلك.
السيد حسين الخادمي ابن السيد جعفر ولد سنة 1319 في أصفهان وتوفي سنة 1405 فيها ودفن في مشهد الرضا.
هو سليل أسرة الصدر الشهيرة التي تفرعت في أصفهان إلى عدة فروع منها فرع (الخادمي).
درس في أصفهان على كل من الشيخ علي اليزدي وميرزا أحمد الأصفهاني وغيرهما. ثم انتقل إلى النجف الأشرف فحضر على السيد أبو الحسن الأصفهاني والميرزا النائيني والشيخ ضياء الدين العراقي. ثم عاد إلى أصفهان فكان مرجعا من مراجعها، وقد قاوم الحكم الاستبدادي في عهد الشاه محمد رضا فسجن وضيق عليه، له من المؤلفات 1 - طريقة السعادة في الرد على المذاهب الباطلة 2 - البراءة والاستصحاب. 3 - عدم ارث الزوجة من الأموال غير المنقولة وغير ذلك.
ابن سينا الحسين بن عبد الله:
مرت ترجمته في الصفحة 69 من المجلد السادس. ونضيف إليها هنا الدراسات الآتية:
قال حمود غرابة:
الاسلام والفلسفة السيناوية تختلف الأديان عن الفلسفة الأخلاقية في الوسيلة وإن اتحدت معها في الهدف. فالأنبياء والفلاسفة الأخلاقيون جميعا يهدفون إلى غرس بذور الفضيلة في نفوس البشر حتى يتهيأ المجتمع الصالح الذي يسعد بفضيلته ويهنأ بحياته.
ولكن الفلسفة تعتمد في ذلك على العقل والإقناع والأديان جميعها تعتمد في ذلك على العقيدة التي هي مزيج من الفكر والعاطفة.
هذه العقيدة لا بد لكمالها وفاعليتها من الايمان بحقائق ثلاث:
1 - اليقين بوجود إله خالق يعلم العالم ويعنى به وبيده أن يسعد الأخيار وأن يعاقب الأشرار.
2 - الجزم بحياة أخرى أسمى من هذه الحياة. حياة تتلاءم فيها السعادة مع الفضيلة وتتكافا فيها الآلام مع الآثام.
3 - التسليم بوجود ذلك الكائن البشري الذي يستطيع بعد اتصاله بعالم القدس أن يترجم عن إرادة السماء. فهل تشتمل الفلسفة السيناوية على الإيمان بهذه
पृष्ठ 30