يستَدْرِجَه ليحدِّثَه بحديثٍ على تمامه - وكان عبدُ الله يشتهي الحديثَ - فامتنع، بل قال الإِمام أحمد: لو ضُرِبَتْ ظهري بالسياط ما حدَّثْتُ (١) .
ولا يعني انقطاعَه عن الرواية انقطاعه عن العلم بتاتًا، فإنه قضى ما بقي من عُمُرِه في المذاكرة في الفقه والآثار وتراجم الرجال حتى وفاته في ضُحى ١٢ ربيع الأول سنة (٢٤١ هـ) (٢)، وهو ابن سبع وسبعين سنة، ﵀.
وهنا يثور سؤالٌ: متى أَسمَعَ الإِمامُ أحمد ولديه صالحًا وعبد َالله وابنَ عمه " المسنَدَ "، ومعروف أنه لم يسمعه عليه أحد غيرهم (٣)؟ .
ويبدو لنا أن الإِمامَ أحمد شَرَعَ بإسماعهم " المسند " نحو سنة (٢٢٥ هـ)، واستغرق سماعُهم له نحو اثنتي عشرة سنة (٤)، فيكون أتمَّ إسماعَهم إياه نحو سنة (٢٣٧ هـ) وهي السنة التي امتنع فيها عن التحديث بحديثٍ على تمامه كما مَرَّ.
وقد حَدَّدَ الإمامُ الذهبي تاريخ إسماع " المسند " في حدود سنة (٢٢٧ هـ) أو (٢٢٨ هـ) (٥)، وهذا التاريخُ لا يستقيم مع ما مَرَّ من أن إسماع " المسند " استغرق ثنتي عشرة سنة، ولا يستقيم أيضًا مع تاريخ امتناع الإِمام أحمد عن التحديثِ بحديثٍ على تمامه سنة (٢٣٧ هـ) .
٢- ثناء أهل العلم عليه:
مرَّ معنا أنَّ نبوغَ الإِمام أحمد وورعه تَبدَّى منذ طفولته، وكان قَدْرُه يزيدُ مع الأيام، وقد أثنى عليه شيوخُه وتلاميذُه ومن رآه ثناءً عَطِرًا خالدًا نسوقُ