وأثناء وجودهما معا عادت فتاته فجأة فتغير الوضع تماما.
كانت فتاة مسرفة في مظهرها؛ تضع مساحيق تجميل فاقعة وثقيلة، وعرفت من نظرة واحدة أنها فتاة ليل، وعندما عرفها شقيقها على ريكو قائلا إنها شقيقته الصغرى، تطور الوضع إلى ما لم يكن متوقعا.
كانت الفتاة ثملة وشاحبة الوجه، فضحكت ضحكة باردة من تعريف الشقيق لشقيقته، وأبدت من البداية عدم تصديقها، وانتقدت بسخرية خفيفة جلبه لامرأة إلى شقتها أثناء غيابها، ثم ارتفع صوتها تدريجيا، ثم بدأت تقول: «من الوقاحة وقلة الذوق أن تقول إنها شقيقتك.»
ثم بدأ بين الفتاة وبين شقيق ريكو عراك بكلمات نابية لا يمكن تحمل سماعها، فحاولت ريكو التي لم تطق البقاء أن ترحل، ولكن الفتاة لم تسمح لها بالرحيل مهما حاولت. ثم أخرجت خمرا ودعتها للشرب بالقوة، وشرب شقيقها أيضا وهو في حالة من اليأس، فصار مجلس خمر ينظر الجميع شزرا بعضهم إلى بعض. - «لا مانع أن تكون شقيقتك ما دمت تصر على ذلك. وبذلك فأنتما على علاقة طيبة معا، أليس كذلك؟ إن كنت تصر على أنها شقيقتك فلنبق محاصرين هنا معا نحن الثلاثة لعشرة أيام. وإن كانت شقيقتك فعلا فلن تأتيك رغبة في أن تلمسها، أليس كذلك؟»
أجاب الشقيق وعيناه تحتويان على غضب وتبرق منهما خطورة: «أجل، لا مانع.»
كررت المرأة قولها في إلحاح: «إن كانت شقيقتك فلن تشعر بشيء، أليس كذلك؟ ولذلك سوف أجعلها ترحل بعد أن أتأكد أنك لا تشعر بشيء. ولكن هذا الأمر يستغرق وقتا طويلا جدا.»
كان عراكهما يزداد عنفا مع سكرهما وظلت ريكو تسمع تبادلهما نفس الموضوع بلا نهاية. «إن كانت شقيقتك فلن تشعر تجاهها بشهوة، أليس كذلك؟ لو مر الأمر بالادعاء أنها شقيقتك بدون برهان فالحياة سهلة. إن كانت هذه الفتاة شقيقتك فأين البرهان؟ بغض النظر طبعا لو معك نسخة من وثيقة السجل المدني تحملها معك أينما كنت.» - «ليس هناك وسيلة لإثبات ذلك. ولكنها شقيقتي فلا حيلة في الإنكار.» - «إذا كان لا وسيلة للإثبات فكيف تجعلني أتأكد أنها شقيقتك؟ أليس هذا مستحيلا؟ إن كنت تقول إنها ليست شقيقتك، فإثبات ذلك سهل جدا بأن تنام معها أمامي.» - «حقا؟ إن نمنا معا فهذا دليل على أنها ليست شقيقتي؟» - «أليس هذا هو الطبيعي؟ فلستما حيوانين.» - «كيف تعرفين من ذلك أنها ليست شقيقتي؟ فحتى لو نمنا معا فهي شقيقتي.» - «حقا؟ أنت تقول شيئا مشوقا. إن كان الأمر كذلك فسينتفي سبب غضبي. إنني غاضبة؛ لأنكما تكذبان علي كذبا مفضوحا، وإن كان الأمر كذلك، فأنتما صادقان وأصبح أنا التي غضبت في منتهى الغباء. حقا ! حتى لو نمتما معا فهي شقيقتك؟ إن علاقتكما ببعضكما بعضا سهلة.» - «إنني فقط أقول إننا أشقاء؛ لأننا شقيق وشقيقة. وليس لذلك شأن بأن علاقة بعضنا ببعض سهلة أو مستحيلة. أنت فقط تريدين أن تعتقدي أن شقيقتي ليست شقيقتي وأنها عشيقتي مهما كان الأمر، أليس كذلك؟ إن كنت تعتقدين ذلك فلك ما شئت. ولكن مهما كان اعتقادك، فشقيقتي هي شقيقتي. وما من دليل على ذلك.»
كان عراكهما سلبيا وسكرهما مظلما يغرق إلى الحضيض تدريجيا. وكان عدم رفع شقيقها يده على المرأة، أمرا غير متوقع لريكو. ولكن أثناء سماعها لهما بدأت تعتقد أن الاثنين يتجادلان في أكثر القضايا الإنسانية جذرية وأصالة. فالمرأة تسخر من عدم وجود شيء آخر يبرهن على أنهما أخوان أشقاء؛ إلا بمجرد وجود ورقة من السجل المدني للبلدية. وكان ذلك الأمر الأكثر مدعاة للسخرية، وفي نفس الوقت على ما يبدو أن المرأة تهاجم بعناد؛ هو ضعف العلاقة الجسدية بينها وبين شقيق ريكو، وأنها تريد أن تثق أكثر في العلاقة الجسدية بين البشر، بدلا من التحجج الكاذب بأنهما شقيقان. ويبدو أنها كلما تعمقت غيرتها؛ تريد الاتجاه إلى منافسة متكافئة. فليس من صفات تلك المرأة أن تترك الخداع خداعا كما هو، ولكنها تريد أن تصل إلى يقين بأي طريقة. - «إن ما لا يعجبني فيك هو اعتقادك أنك تستطيع أن تخدع امرأة بالكذب وينتهي الأمر. إنني أكره أن ينتهي الأمر لمجرد أن تتظاهر بالقول إنها شقيقتي، إنها شقيقتي، فلا شبه بينكما مطلقا.»
كان الشقيق مع انتفاخ عروق جبهته الزرقاء، هادئا هدوءا مريبا فقال: «ماذا تريدين أن أفعل؟ هل تقولين إنك سترضين لو أننا نمنا معا أمامك حقا؟» - «هذا بالطبع يرضيني. فعندها ستنهار كذبة أنها شقيقتك ولا يعود لها أساس.» - «وماذا تفعلين إن لم تنهر؟» - «عندها سأتوقف عن الشكوك؛ فإنها ليس لها نهاية؟» - «إن كان الأمر كذلك، أفليس من الأفضل الكف عن تلك الشكوك المملة من البداية وتصديق أنها شقيقتي فعلا؟» - «لا ينفع. فأنا أكره الكلام المنمق.» - «انظري إذن!»
شعرت ريكو أن الحوار مع أنه يسير متباطئا في كسل، إلا أنه يثير الهياج بطريقة مريبة، ولكنها أثناء جلوسها مختبئة وراء شقيقها، في نفس اللحظة التي نطق فيها بكلمة «انظري إذن!» اندهشت من لوي شقيقها الثمل جسده ومد ذراعه فجأة. ولم تجد وقتا لتفاديه، وعندها حضنت بقوة، وقبلت قبلة طويلة لدرجة أن أنفاسها كادت تتوقف. كانت قبلة تثير الخجل والخوف حقا، ولكن ريكو كادت أن يغمى عليها لحظيا من تلك الحلاوة التي لا توصف.
अज्ञात पृष्ठ