لم أستطع أن أكتم مشاعر السخرية من قلبي. ولكن في اللحظة التالية قام هاناي بحركة لا يمكن تخيلها؛ إذ مزق غلاف باقة الزهور المصنوعة من السلوفان، وألقى بالزهور تحت عجلات سيارة نقل كانت تمر صدفة بجواره في تلك اللحظة.
بعد أن ابتعدت سيارة النقل، تولدت على سطح الطريق بقعة غريبة الشكل. كانت تبدو كأنها آثار تقيؤ امرأة جميلة، وأثناء انشغالي في تلك الألوان الهمجية المعكرة، كان الشاب قد اختفى عن الأنظار ...
جاءني انطباع بالحيرة والاضطراب وكأنني رأيت كابوسا، أو كأن ما رأته عيناي مجرد وهم من صنع خيالي. وبقي ذلك الشعور المنفر المقزز يجر أذياله إلى ما لا نهاية. ليس أنا من يدهش الآن، وبعد كل تلك الخبرة من سلوك غريب يفعله مريض نفسي. ولكن تلك الحادثة الصغيرة توضح النية الشريرة للرجل العنين تجاه العالم. بمعنى أن النية الشريرة تلك بدت كأنها لوحة تجريدية منفرة رسمت لحظيا فوق الطريق العام في وسط العاصمة طوكيو.
وعندها اجتاحني فجأة شعور عارم بالضعف. فبدلا من أن أشعر بالشفقة تجاه ذلك الشاب العنين الذي رحل قبل قليل فإني، على العكس، شعرت أنني تلقيت هزيمة نكراء بضربة واحدة من منافس هو أبعد ما يكون عن ضرورة الخوف منه. بل لدرجة أنني فقدت ثقتي بنفسي بصفتي طبيبا. وإذ أفكر أن ما أعطى ريكو المتعة هو شيء بعيد كل البعد عن قوة الرجولة، حتى أنا نفسي أحس أن ثقتي المعتادة بنفسي كرجل قد اقتلعت من جذورها تماما.
ولكن عندما أفكر في الأمر أجد أن غضب الشاب هاناي له أسبابه المنطقية.
فربما شعر أنه تلقى إهانة شديدة أكثر بكثير من مجرد الإهانة المعتادة تجاه العنة. فالمرأة التي صدق أنها باردة جنسيا حتى أشعرته داخليا بالسلام والسكينة، يراها فجأة وقد بعثت كامرأة من جديد؛ لأنها ليست هذه إهانة تأتيه وهو في حالة طبيعية، بل هي تعبير فاضح عن «الحب تجاه المعاق».
28
مر شهران بلا جدوى منذ رحيل هاناي من العيادة. ولم يأت أثناء ذلك أي اتصال سواء من هاناي أو من ريكو.
ومن العجيب أنني بدأت تدريجيا أشعر بالتعاطف مع هاناي. إلى أين ستتجه حياته بعد أن خاض في شبابه - أو بالأحرى بسبب شبابه - تجربة مرعبة بالكامل لانهيارات وتناقضات الجنس؟ فهو مع أن مظهره ابن عائلة غنية موسرة، إلا أن الحياة أعطته تعاسة غريبة لا يعرفها حتى الفقراء. الجنس بالنسبة للشباب هو مفتاح هام جدا من أجل معرفة الحياة. ولذا عندما يحاول هاناي - بعد أن خاض تلك التجربة - فتح حياته ذات فتحة المفتاح المعتادة باستخدام ذلك المفتاح المشوه، فسوف يفشل فشلا ذريعا؛ ولكنه لا شك سيعثر في وقت ما على فتحة مشوهة تناسب مفتاحه المشوه. أي نعم سيفتح الباب. ولكن سيجد خلفه واديا عميق القاع.
بالتأكيد لم تتعمد ريكو أن تصدر تلك الموسيقى الصاخبة أمام رجل عنين؛ ولكنها خيانة جسدية نادرة، تختلف عن صدمة الخيانة النفسية المعتادة لشاب من فتاة.
अज्ञात पृष्ठ