بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين
أخبرنَا الشَّيْخ الإِمَام صابر الدّين أَبُو بكر يحيى بن سعدون بن تَمام بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ قَالَ أَنا أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عتاب اجازة قَالَ حَدثنِي الْفَقِيه المقرىء أَبُو مُحَمَّد مكي بن أبي طَالب الْقَيْسِي ﵁ قِرَاءَة مني عَلَيْهِ فِي أَصله وَهُوَ يسمع قلت رضى الله عَنْك أما بعد حمد الله جلّ ذكره وَالثنَاء عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله وَالصَّلَاة على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله فَإِنِّي رَأَيْت أفضل علم صرفت إِلَيْهِ الهمم وتعبت فِيهِ الخواطر وسارع إِلَيْهِ ذَوُو الْعُقُول علم كتاب الله تَعَالَى ذكره إِذْ هُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَالدّين الْمُبين وَالْحَبل المتين وَالْحق الْمُنِير وَرَأَيْت من أعظم مَا يجب على الطَّالِب لعلوم الْقُرْآن الرَّاغِب فِي تجويد أَلْفَاظه وَفهم مَعَانِيه وَمَعْرِفَة قراءاته ولغاته وَأفضل مَا القارىء إِلَيْهِ مُحْتَاج معرفَة إعرابه وَالْوُقُوف على تصرف حركاته وسواكنه يكون بذلك سالما من اللّحن فِيهِ مستعينا على أَحْكَام اللَّفْظ بِهِ مطلعا على الْمعَانِي الَّتِي قد تخْتَلف باخْتلَاف الحركات متفهما لما أَرَادَ الله بِهِ من عباده إِذْ بِمَعْرِفَة حقائق الْإِعْرَاب تعرف أَكثر الْمعَانِي وينجلي الْإِشْكَال فتظهر الْفَوَائِد وَيفهم الْخطاب وَتَصِح معرفَة حَقِيقَة المُرَاد وَقد رَأَيْت أَكثر من ألف الْإِعْرَاب طوله بِذكرِهِ لحروف الْخَفْض وحروف الْجَزْم وَبِمَا هُوَ ظَاهر من ذكر الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وأسم إِن وخبرها
1 / 63
فِي أشباه لذَلِك يستوى فِي مَعْرفَتهَا الْعَالم المبتدىء وأغفل كثيرا مِمَّا يحْتَاج إِلَى مَعْرفَته من المشكلات فقصدت فِي هَذَا الْكتاب إِلَى تَفْسِير مُشكل الْأَعْرَاب وَذكر علله وصعبه ونادره ليَكُون خَفِيف الْمحمل سهل المأخذ قريب المتناول لمن أَرَادَ حفظه والاكتفاء بِهِ فَلَيْسَ فِي كتاب الله ﷿ إِعْرَاب مُشكل إِلَّا وَهُوَ مَنْصُوص أَو قِيَاسه مَوْجُود فِيمَا ذكرته فَمن فهمه كَانَ لما هُوَ أسهل مِنْهُ مِمَّا تركت ذكره اختصارا أفهم وَلما لم نذكرهُ مِمَّا ذكرنَا نَظِيره أبْصر وَأعلم
وَلم أؤلف كتَابنَا هَذَا لمن لَا يعلم من النَّحْو إِلَّا الْخَافِض والمخفوض وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول والمضاف والمضاف إِلَيْهِ والنعت والمنعوت فِي أشباه لهَذَا إِنَّمَا ألفناه لمن شدا طرفا من وَعلم ظواهره وجملا من عوامله وَتعلق بِطرف من أُصُوله وَبِاللَّهِ نستعين على ذَلِك وإياه أسأَل التَّوْفِيق وَالْأَجْر على مَا تَوليته مِنْهُ وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل وصلوات على مُحَمَّد الْمَخْصُوص بِالْقُرْآنِ الْعَظِيم والسبع المثاني وعَلى آله وَأَصْحَابه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
مُشكل إِعْرَاب الاستفتاح
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم كسرت الْبَاء من بِسم الله لتَكون حركتها مشبهة لعملها وَقيل
1 / 64
كسرت لتفرق بَين مَا يخْفض وَلَا يكون إِلَّا حر فا نَحْو الْبَاء وَاللَّام وَبَين مَا يخْفض وَقد يكون اسْما نَحْو الْكَاف وَإِنَّمَا عملت الْبَاء وَأَخَوَاتهَا الْخَفْض لِأَنَّهَا لَا معنى لَهَا إِلَّا فِي الْأَسْمَاء فَعمِلت الْإِعْرَاب الَّذِي لَا يكون إِلَّا فِي الْأَسْمَاء وَهُوَ الْخَفْض وَكَذَلِكَ الْحُرُوف الَّتِي تجزم الْأَفْعَال إِنَّمَا عملت الْجَزْم لِأَنَّهَا لَا معنى لَهَا إِلَّا فِي الْأَفْعَال فَعمِلت الْأَعْرَاب الَّذِي لَا يكون إِلَّا الْأَفْعَال وَهُوَ الْجَزْم وحذفت الْألف من الْخط فِي بِسم الله لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَقيل حذفت لتحرك السِّين فِي الأَصْل لِأَن أصل السِّين الْحَرَكَة وسكونها لعِلَّة دَخَلتهَا وَقيل للُزُوم الْبَاء هَذَا الِاسْم فَأن كتبت بِسم الرَّحْمَن أَو بِسم الْخَالِق حذفت الْألف أَيْضا عِنْد الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ وَقَالَ الْفراء لَا تحذف إِلَّا فِي بِسم الله فَقَط فان أدخلت على اسْم الله غير الْبَاء من حُرُوف الْخَفْض لم يجز حذف الْألف عِنْد أحد نَحْو قَوْلك
1 / 65
لَيْسَ اسْم كاسم الله وقولك لإسم الله حلاوة وَمَوْضِع بِسم مَوضِع رفع عِنْد الْبَصرِيين على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره ابتدائي بِسم الله فالباء على هَذَا مُتَعَلقَة بالْخبر الَّذِي قَامَت الْبَاء مقَامه تَقْدِيره ابتدائي ثَابت أَو مُسْتَقر بِسم الله أَو نَحوه وَلَا يحسن تعلق الْبَاء بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ مُضْمر لِأَنَّهُ يكون دَاخِلا فِي صلته فَيبقى الِابْتِدَاء بِغَيْر خبر وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ بِسم الله فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار فعل تَقْدِيره ابتدأت باسم الله فالباء على هَذَا مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوف وَاسم أَصله سمو وَقيل سمو وَهُوَ عِنْد الْبَصرِيين مُشْتَقّ من سما يسمو وَلذَلِك ضمت السِّين فِي أَصله فِي سم وَقيل هُوَ مُشْتَقّ من سمي يُسمى وَلذَلِك كسرت السِّين فِي سم ثمَّ حذف آخِره وَسكن أَوله اعتلالا على غير قِيَاس وَدلّ على ذَلِك قَوْلهم سمي فِي التصغير وَجمعه أَسمَاء وَجمع أَسمَاء أسامي وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيّين مُشْتَقّ من السمة إِذْ صَاحبه يعرف بِهِ وَأَصله وسم ثمَّ أعل بِحَذْف الْفَاء وحركت الْعين على غير قِيَاس أَيْضا وَيجب على قَوْلهم أَن يصغر فَيُقَال وسيسم وَلم يقلهُ أحد لِأَن التصغير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَلَهُم مقَال يطول ذكره وَقَوْلهمْ أقوى فِي الْمَعْنى وَقَول الْبَصرِيين أقوى فِي التصريف وحذفت الْألف فِي الْخط من اسْم الله اسْتِخْفَافًا وَقيل حذفت لِئَلَّا يشبه هجاء اللات فِي قَول من وقف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ وَقيل لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَكَذَلِكَ الْعلَّة فِي حذف ألف الرَّحْمَن وَالْأَصْل فِي اسْم الله ﷿ الاه ثمَّ دخلت الْألف وَاللَّام فَصَارَ الالاه فخففت الْهمزَة بِأَن ألقيت حركتها على اللَّام الأولى ثمَّ أدغمت الأولى فِي
1 / 66
الثَّانِيَة وَلزِمَ الْإِدْغَام والحذف للتعظيم والتفخيم وَقيل بل حذفت الْهمزَة حذفا وَعوض مِنْهَا الْألف وَاللَّام ولزمتا للتعظيم وَقيل أَصله لاه ثمَّ دخلت الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ فلزمتا للتعظيم وَوَجَب الْإِدْغَام لسكون الأول من المثلين وَدلّ على ذَلِك قَوْلهم لهي أَبوك يُرِيدُونَ لله أَبوك فأخروا الْعين فِي مَوضِع اللَّام لِكَثْرَة استعمالهم لَهُ وَيدل عيه أَيْضا قَوْله لاه ابْن عمك
يُرِيدُونَ لله وَقد ذكر الزّجاج فِي بعض أَمَالِيهِ عَن الْخَلِيل أَن أَصله ولاه ثمَّ أبدل من الْوَاو همزَة كأشاح ووشاح وَالْألف فِي لاه منقلبة عَن يَاء دلّ على ذَلِك قَوْلهم لهي أَبوك فظهرت الْيَاء عوضا من الْألف فَدلَّ على أَن أصل الْألف الْيَاء وَإِنَّمَا أشبعنا الْكَلَام فِي هذَيْن الاسمين ليقاس عَلَيْهِمَا
1 / 67
شبههما مِمَّا لَعَلَّنَا نغفل عَن ذكره فَكَذَلِك نَفْعل فِي كل مَا هُوَ مثل هَذَا فاعلمه
مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْحَمد
السُّورَة يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهَا الرّفْعَة من سُورَة الْبناء فَكَأَنَّهَا منزلَة شرف فَلَا يجوز همزها وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهَا قِطْعَة من الْقُرْآن من قَوْلك أسأرت فِي الْإِنَاء أَي أبقيت فِيهِ بَقِيَّة فَيجوز همزها على هَذَا وَقد أجمع الْقُرَّاء على ترك همزها فتحتمل الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
قَوْله ﷿ ﴿الْحَمد﴾ رفع بِالِابْتِدَاءِ ﴿وَللَّه﴾ الْخَبَر والابتداء عَامل معنوي غير ملفوظ بِهِ وَهُوَ خلو الِاسْم الْمُبْتَدَأ من العوامل اللفظية وَيجوز نَصبه على الْمصدر وَكسرت اللَّام من لله كَمَا كسرت الْبَاء فِي بِسم الْعلَّة وَاحِدَة وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ أصل اللَّام أَن تكون مَفْتُوحَة بِدلَالَة انفتاحها مَعَ الْمُضمر والإضمار يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَإِنَّمَا كسرت مَعَ الظَّاهِر للْفرق بَينهَا وَبَين لَام التَّأْكِيد قَالَ أَبُو مُحَمَّد وفيهَا نظر يطول ذكره وَاللَّام مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف الَّذِي قَامَت مقَامه كَمَا كَانَت الْبَاء فِي بِسم الله تَقْدِيره الْحَمد ثَابت لله أَو مُسْتَقر وَشبهه وَيجوز نصب رب الْعَالمين على النداء أَو على الْمَدْح وَيجوز رَفعه على هُوَ رب الْعَالمين فَكَذَلِك ملك يَوْم الدّين مثله وَيَوْم الدّين ظرف جعل مَفْعُولا على السعَة فَلذَلِك أضيف إِلَيْهِ ملك وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَة من قَرَأَ مَالك
1 / 68
بِالْألف فَأَما من قَرَأَ مَالك فَلَا بُد من تَقْدِير مفعول مَحْذُوف تَقْدِيره مَالك يَوْم الدّين الْفَصْل وَالْقَضَاء وَنَحْوه لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَجمع مَالك ملاك وَملك وَجمع ملك أَمْلَاك وملوك وَقد قَرَأَ أَبُو عَمْرو ملك بِإِسْكَان اللَّام كَمَا يُقَال فَخذ وفخذ وَجمعه على هَذَا أملك وملوك وَقد يجوز النصب فِي ملك على الْحَال أَو على النداء أَو على الْمَدْح وعَلى النَّعْت لرب على قَول من نَصبه
وَإِنَّمَا نذْكر هَذِه الْوُجُوه ليعلم تصرف الْإِعْرَاب ومقاييسه لَا لِأَن يقْرَأ بِهِ فَلَا يجوز أَن يقْرَأ إِلَّا بِمَا رُوِيَ وَصَحَّ عَن الثِّقَات الْمَشْهُورين عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ﵃ وَوَافَقَ خطّ الْمُصحف
قَوْله ﷿ ﴿إياك نعْبد﴾ ايا عِنْد الْخَلِيل وَغَيره اسْم مُضْمر أضيف إِلَى الْكَاف وَهُوَ شَاذ لَا يعلم اسْم مُضْمر أضيف غَيره وَحكي ابْن كيسَان أَن الْكَاف هِيَ ٢ الِاسْم وايا أَتَى بهَا لتعتمد الْكَاف عَلَيْهَا إِذْ لَا تقوم بِنَفسِهَا وَقَالَ الْمبرد ايا اسْم مُبْهَم أضيف للتخصيص وَلَا يعرف اسْم مُبْهَم مَبْنِيّ أضيف غَيره وَمن أصل الْمُبْهم إِذا
1 / 69
أضيف أَن يكون نكرَة وَأَن يعرب نَحْو غير وَبَعض وكل وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إياك بِكَمَالِهِ أسم مُضْمر وَلَا يعرف اسْم مُضْمر يتَغَيَّر آخِره فَتَقول فِيهِ إِيَّاه وَإِيَّاهَا وَإِيَّاكُم غير هَذَا وَهُوَ مَنْصُوب بنعبد مفعول مقدم وَلَو تَأَخّر لم ينْفَصل ولصار كافا مُتَّصِلَة فَقلت نعبدك
قَوْله ﴿نستعين﴾ وَزنه نستفعل وَأَصله نستعون لِأَنَّهُ من العون فألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْعين فَانْكَسَرت الْعين وسكنت الْوَاو فَانْقَلَبت يَاء لانكسار مَا قبلهَا إِذْ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب وَاو سَاكِنة قبلهَا كسرة وَلَا يَاء سَاكِنة قبلهَا ضمة وَإِنَّمَا أعل لاعتلال الْمَاضِي والمصدر استعانة وَأَصله استعوان فألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْعين وقلبت الْوَاو ألفا وحذفت إِحْدَى الْأَلفَيْنِ لالتقاء الساكنين قيل الأولى وَقيل الثَّانِيَة وَدخلت الْهَاء عوضا من الْمَحْذُوف وَيجوز كسر النُّون وَالتَّاء وَالْألف فِي أول هَذَا الْفِعْل وَفِي نَظِيره فِي غير الْقُرْآن وَلَا يحسن ذَلِك فِي الْيَاء
قَوْله جلّ وَعلا ﴿اهدنا﴾ طلب وسؤال وَمَجْرَاهُ فِي الْإِعْرَاب مجْرى الْأَمر لكنه مَبْنِيّ عِنْد الْبَصرِيين حذف الْيَاء مِنْهُ بِنَاء ومعرب عِنْد الْكُوفِيّين حذ ف الْيَاء مِنْهُ جزم وَالْألف ألف وصل كسرت فِي الِابْتِدَاء لسكونها وَسُكُون مَا بعْدهَا لِأَنَّهَا اجتلبت ليبدأ بهَا ولاحظ لَهَا فِي الحركات وَقيل كسرت بِكَسْر الثَّالِث وَلم تضم لثقل الْخُرُوج من ضم إِلَى كسر وَلم تفتح لِئَلَّا تشبه ألف الْمُتَكَلّم وَهَذِه عِلّة ألف الْوَصْل حَيْثُ وَقعت فِي الْأَفْعَال والأسماء فان كَانَ الثَّالِث من الْفِعْل مضموما ضمت الْألف لِلِاتِّبَاعِ فحركتها لالتقاء الساكنين واختيرت
1 / 70
الضمة لانضمام الثَّالِث نَحْو ادخل اخْرُج فَأَما ألف الْوَصْل الَّتِي مَعَ لَام التَّعْرِيف فِي الرجل والغلام فَهِيَ مَفْتُوحَة فِي الِابْتِدَاء للْفرق بَين دُخُولهَا على الْأَفْعَال والأسماء ودخولها على الْحُرُوف واهدنا يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَيجوز الِاقْتِصَار على أَحدهمَا وهما فِي هَذَا الْموضع نَا والصراط
قَوْله ﴿الْمُسْتَقيم﴾ أَصله المستقوم واعتلاله فِي الِاسْم والمصدر كاعتلال نستعين
قَوْله ﴿صِرَاط الَّذين﴾ بدل من الصِّرَاط الأول وَالَّذين اسْم مُبْهَم مَبْنِيّ نَاقص يحْتَاج إِلَى صلَة وعائد فَهُوَ غير مُعرب فِي الْوَاحِد وَالْجمع ويعرب فِي التَّثْنِيَة لصِحَّة التَّثْنِيَة إِذْ لَا تخْتَلف وَلَا تَأتي فِي جَمِيع الْأَسْمَاء إِلَّا على مِثَال وَاحِد وَلَيْسَ كَذَلِك الْجمع وَعلة بِنَاء الَّذِي أَنه شابه الْحُرُوف لابهامه ووقوعه على كل شَيْء فَمنع الْإِعْرَاب كَمَا منعته الْحُرُوف وَقيل إِنَّمَا بني لِأَنَّهُ نَاقص يحْتَاج إِلَى صلَة فَهُوَ كبعض اسْم وَبَعض الِاسْم مَبْنِيّ أبدا لِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا يكون فِي أَوَاخِر الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال وَقد قيل أَن الَّذين اسْم للْجمع وَلَيْسَ بِجمع وَوَاحِد الَّذين لذ كعم وشج فَلَمَّا دَخلته الْألف وَاللَّام ولزمتا عَادَتْ الْيَاء كَمَا تعود فِي قَاض فَقلت الَّذِي وَأَصله أَن يكْتب بلامين إِلَّا أَنهم حذفوا إِحْدَى اللامين لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال تَخْفِيفًا وَجرى الْجمع على الْوَاحِد إِذْ هُوَ مَبْنِيّ مثله إِذْ هُوَ أقرب إِلَيْهِ فِي الْإِعْرَاب وكتبت التَّثْنِيَة بلامين على الأَصْل وصلَة الَّذين قَوْله أَنْعَمت عَلَيْهِم وَالْهَاء وَالْمِيم تعود
1 / 71
عَلَيْهِم
قَوْله ﴿غير المغضوب عَلَيْهِم﴾ غير اسْم مُبْهَم أَلا أَنه أعرب للزومه الْإِضَافَة وخفضه على الْبَدَل من الَّذين أَو على النَّعْت لَهُم إِذْ لَا يقْصد بهم قصد أشخاص بأعيانهم فجروا مجْرى النكرَة فَجَاز أَن يكون غير نعتا لَهُم وَمن أصل غير أَنَّهَا نكرَة وَإِن أضيفت إِلَى معرفَة لِأَنَّهَا لَا تدل على شَيْء معِين وَقد رُوِيَ نصب غير عَن ابْن كثير وَغَيره ونصبها على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِم أَو من الَّذين إِذْ لَفظهمْ لفظ الْمعرفَة وَأَن شِئْت نصبته على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع عِنْد الْبَصرِيين وَمنعه الْكُوفِيُّونَ لأجل دُخُول لَا وَأَن شِئْت نصبته على اضمار أَعنِي وَعَلَيْهِم الثَّانِي فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعله للمغضوب لِأَنَّهُ بِمَعْنى الَّذين غضب عَلَيْهِم وَلَا ضمير فِيهِ إِذْ لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِحرف جر بِمَنْزِلَة مر بزيد وَلذَلِك لم يجمع
قَوْله ﴿وَلَا الضَّالّين﴾ لَا زَائِدَة للتوكيد عِنْد الْبَصرِيين وَبِمَعْنى غير عِنْد الْكُوفِيّين وَمن الْعَرَب من يُبدل من الْحَرْف السَّاكِن الَّذِي قبل المشدد همزَة فَيَقُول وَلَا الضَّالّين وَذَلِكَ إِذا كَانَ ألفا وَبِه قَرَأَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ أَرَادَ أَن يُحَرك الْألف لالتقاء الساكنين فَلم يُمكن تحريكها فأبدل مِنْهَا حرفا مواخيا لَهَا قريب الْمخْرج مِنْهَا أجلد مِنْهَا وَأقوى وَهُوَ الْهمزَة
1 / 72
مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْبَقَرَة
قَوْله ﵎ ﴿الم﴾ أحرف مقطعَة محكية لَا تعرب إِلَّا أَن تخبر عَنْهَا أَو تعطف بَعْضهَا على بعض فَتَقول هَذَا ألف وألفك حَسَنَة وَفِي الْكتاب ألف وَلَام وَمِيم وَعين وَمَوْضِع ألم نصب على معنى أَقرَأ ألم وَيجوز أَن يكون موضعهَا رفعا على معنى هَذَا ألم أَو ذَلِك أَو هُوَ وَيجوز أَن يكون موضعهَا خفضا على قَول من جعله قسما وَالْفراء يَجْعَل ألم ابْتِدَاء وَذَلِكَ الْخَبَر تَقْدِيره عِنْده حُرُوف المعجم يَا مُحَمَّد ذَلِك الْكتاب وَأنْكرهُ الزّجاج وَذَلِكَ فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو على الِابْتِدَاء وتضمر الْخَبَر وَذَا اسْم مُبْهَم مَبْنِيّ وَالِاسْم عِنْد الْكُوفِيّين الذَّال وَالْألف زيدت لبَيَان الْحَرَكَة وللتقوية وَذَا بِكَمَالِهِ هُوَ الِاسْم عِنْد الْبَصرِيين وَجمعه أولاء وَاللَّام لَام التَّأْكِيد دخلت لتدل على بعد الْمشَار إِلَيْهِ وَقيل دخلت لتدل على أَن ذَا لَيْسَ بمضاف إِلَى الْكَاف وَكسرت اللَّام للْفرق بَينهَا وَبَين لَام الْملك إِذا قلت ذَا لَك أَي فِي ملكك وَقيل كسرت لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا وَالْكَاف للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو أَن تكون فِي مَوضِع رفع أَو نصب أَو خفض فَلَا يجوز
1 / 73
أَن تكون فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ لَا رَافع قبلهَا وَلَيْسَت الْكَاف من عَلَامَات الْمُضمر الْمَرْفُوع وَلَا يجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب إِذْ لَا عَامل قبلهَا ينصبها وَلَا يجوز أَن تكون فِي مَوضِع خفض لِأَن مَا قبلهَا لَا يُضَاف وَهُوَ الْمُبْهم فَلَمَّا بطلت الْوُجُوه الثَّلَاثَة علم أَنَّهَا للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَالْكتاب بدل من ذَا أَو عطف بَيَان أَو خبر ذَلِك
وَقَوله ﴿لَا ريب فِيهِ﴾ لَا تبرئة فَهِيَ وريب كاسم وَاحِد وَلذَلِك بني ريب على الْفَتْح لِأَنَّهُ مَعَ لَا كخمسة عشر وَهُوَ فِي مَوضِع رفع خبر ذَلِك
وَقَوله ﴿هدى﴾ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من ذَا أَو من الْكتاب أَو من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي فِيهِ وَالْعَامِل فِيهِ إِذا كَانَ حَالا من ذَا أَو من الْكتاب معنى الْإِشَارَة فَإِن كَانَ حَالا من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي فِيهِ فالعامل فِيهِ معنى الِاسْتِقْرَار وَيجوز أَن يكون هدى فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَفِيه الْخَبَر فتقف على هَذَا القَوْل على لَا ريب وَيجوز أَن يكون مَرْفُوعا على اضمار مُبْتَدأ أَو على أَنه خبر ذَلِك أَو على أَنه خبر بعد خبر
قَوْله ﴿الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ الَّذين فِي مَوضِع خفض نعت لِلْمُتقين أَو بدل مِنْهُم أَو فِي مَوضِع نصب على اضمار أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وأصل يُؤمنُونَ يؤأمنون بهمزتين الأولى مَفْتُوحَة وَهِي زَائِدَة فحذفت الزَّائِدَة لِاجْتِمَاع همزتين فِيهِ ولاجتماع ثَلَاث همزات فِي الْإِخْبَار عَن النَّفس وَاتبعُوا سَائِر الْأَفْعَال الملحقة بالرباعية هَذَا الْحَذف وَإِن لن تَجْتَمِع فِيهِ
1 / 74
همزتان نَحْو يكرم ويلهي كَمَا قَالُوا يعد فحذفوا الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة ثمَّ اتبعُوا سَائِر الْبَاب ذَلِك وان لم يكن فِيهِ يَاء نَحْو تعد وتزن كَمَا أدخلُوا هُوَ وَأَنت وَنَحْوهَا فاصلة بَين الْخَبَر والنعت فِي قَوْلك إِن زيدا هُوَ الْعَاقِل وَكَانَ زيد هُوَ الْعَاقِل ثمَّ أدخلوها فاصلة فِيمَا لَا يُمكن فِيهِ النَّعْت نَحْو زيد كَانَ هُوَ الْعَاقِل وَكنت أَنْت الْعَاقِل وكما أدخلُوا الْمَجْهُول مَعَ أَن وَكَانَ إِذا وَقع بعدهمَا مَا لَا يليهما وَلَا يعملان فِيهِ نَحْو أَنه قَامَ زيد وَكَانَ يقوم عمر وَكَانَ لَا أحد فِي الدَّار ثمَّ أتبعوا ذَلِك سَائِر الْبَاب وَأَن لم يكن فِيهِ تِلْكَ الْعلَّة فَقَالُوا أَنه زيد قَائِم وَإِنَّمَا وَجب أَن يكون أصل يُؤمنُونَ وَشبهه بهمزتين لِأَن حق هَذِه الْحُرُوف الزَّوَائِد أَن تَتَضَمَّن مَا كَانَ فِي الْمَاضِي وَقد كَانَ فِي الْمَاضِي همزتان الأولى زَائِدَة وَذَلِكَ قَوْلك أأمن وعَلى هَذَا يُقَاس مَا شابههه وعلته كعلته فقسه عَلَيْهِ
قَوْله ﴿لِلْمُتقين﴾ وَزنه المفتعلين وَأَصله الموتقيين ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء فَصَارَت يَاء مُشَدّدَة وأسكنت الْيَاء الأولى استثقالا للكسرة عَلَيْهَا ثمَّ حذفت لسكونها وَسُكُون يَاء الْجمع بعْدهَا
قَوْله ﴿يُقِيمُونَ﴾ أَصله يؤقومون فحذفت الْهمزَة ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْقَاف وانكسرت وانقلبت الْوَاو يَاء لسكونها ولانكسار مَا قبلهَا ووزنه يَفْعَلُونَ مثل يُؤمنُونَ
قَوْله ﴿أُولَئِكَ﴾ خبر ﴿الَّذين﴾ أَو مُبْتَدأ أَن لم تجْعَل الَّذين مُبْتَدأ
1 / 75
وَالْخَبَر على هدى وَهدى اسْم مَقْصُور منصرف وَزنه فعل وَأَصله هدي فَلَمَّا تحركت الْيَاء وَانْفَتح مَا قبلهَا قلبت ألفا وَالْألف ساكنه والتنوين سَاكن فحذفت الْألف لالتقاء الساكنين وَصَارَ التَّنْوِين تَابعا لفتحه الدَّال فَلَا يتَغَيَّر فِي كل الْوُجُوه وَكَذَلِكَ الْعلَّة فِي جَمِيع مَا كَانَ مثله وَأُولَئِكَ اسْم مُبْهَم للْجَمَاعَة وَهُوَ مَبْنِيّ على الْكسر لَا يتَغَيَّر بني لمشابهته الْحُرُوف وَالْكَاف للخطاب وَلَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَوَاحِد أُولَئِكَ ذَلِك وَإِذا كَانَ للمؤنث فَوَاحِدَة ذِي أُوتِيَ أوذه
قَوْله ﴿الصَّلَاة﴾ أَصْلهَا صلوة دلّ على ذَلِك قَوْلهم صلوَات فوزنها فعلة
قَوْله ﴿سَوَاء عَلَيْهِم﴾ ابْتِدَاء وَمَا بعده من ذكر الْإِنْذَار خَبره وَالْجُمْلَة خبر إِن وَالَّذين اسْم إِن وصلته كفرُوا وَألف أأنذرتهم ألف تَسْوِيَة لِأَنَّهَا أوجبت أَن الْإِنْذَار لمن سبق لَهُ فِي علم الله الشَّقَاء وَتَركه سَوَاء عَلَيْهِم لَا يُؤمنُونَ أبدا ولفظها لفظ الِاسْتِفْهَام وَلذَلِك أَتَت بعْدهَا أم وَيجوز أَن يكون سَوَاء خبر أَن وَمَا بعده مَوضِع رفع بِفِعْلِهِ وَهُوَ سَوَاء وَيجوز أَن يكون خبر إِن لَا يُؤمنُونَ
قَوْله ﴿وعَلى سمعهم﴾ إِنَّمَا وحد وَلم يجمع كَمَا جمعت الْقُلُوب والأبصار لِأَنَّهُ مصدر وَقيل تَقْدِيره وعَلى مَوَاضِع سمعهم وَقَوله غشاوة رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر على أَبْصَارهم وَالْوَقْف على سمعهم حسن وَقد قَرَأَ عَاصِم بِالنّصب على اضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ وَجعل على
1 / 76
أَبْصَارهم غشاوة وَالْوَقْف على سمعهم يجوز فِي هَذِه الْقِرَاءَة وَلَيْسَ كحسنه فِي قِرَاءَة من رفع
قَوْله ﴿وَمن النَّاس﴾ فتحت نون من للقائها السَّاكِن وَهُوَ لَام التَّعْرِيف وَكَانَ الْفَتْح أولى بهَا من الْكسر لانكسار الْمِيم وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وأصل النَّاس عِنْد سِيبَوَيْهٍ الأناس ثمَّ حذفت الْهمزَة كحذفها فِي الاه وَدخلت لَام التَّعْرِيف وَقيل بل أَصله نَاس لقَوْل الْعَرَب فِي التصغير نويس قَالَ الْكسَائي هما لُغَتَانِ
قَوْله ﴿من يَقُول﴾ من فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خبر وَيَقُول وَزنه يفعل وَأَصله يَقُول ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْقَاف لِأَنَّهَا قد اعتلت فِي قَالَ وَإِنَّمَا أذكر لَك مِثَالا من كل صنف لتقيس عَلَيْهِ مَا يَأْتِي من مثل إِذْ لَا يُمكن ذكر كل شَيْء أَتَى مِنْهُ كَرَاهَة التكرير والإطالة وَلَو جَاءَ فِي الْكَلَام وَمن النَّاس من يَقُولُونَ لجَاز حمله على الْمَعْنى كَمَا قَالَ جلّ ذكره وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك والمدة فِي آمن أَصْلهَا همزَة سَاكِنة واصله أأمن ثمَّ أبدلت من الْهمزَة الساكنة ألفا لانفتاح مَا قبلهَا والمدة فِي الآخر ألف زَائِدَة لبِنَاء فَاعل وَلَيْسَ أَصْلهَا همزَة
قَوْله ﴿وَمَا هم بمؤمنين﴾ هم اسْم مَا ومؤمنين الْخَبَر وَالْبَاء زَائِدَة دخلت عِنْد الْبَصرِيين لتأكيد النَّفْي وَهِي عِنْد الْكُوفِيّين دخلت جَوَابا لمن قَالَ إِن زيدا لمنطلق فَمَا بازاء أَن وَالْبَاء بازاء اللَّام إِذْ اللَّام لتأكيد الْإِيجَاب وَالْبَاء لتأكيد النَّفْي
قَوْله ﴿يخادعون الله﴾ يجوز أَن تكون حَالا من
1 / 77
من فَلَا يُوقف دونه وَيجوز أَن يكون لَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب فَيُوقف دونه
قَوْله ﴿فِي قُلُوبهم مرض﴾ ابْتِدَاء وَخبر وَكَذَلِكَ وَلَهُم عَذَاب أَلِيم نعت للعذاب وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول أَي مؤلم
قَوْله ﴿بِمَا كَانُوا﴾ الْبَاء مُتَعَلقَة بالاستقرار أَي وَعَذَاب مؤلم مُسْتَقر لَهُم بكونهم يكذبُون بِمَا أَتَى بِهِ نَبِيّهم وَمَا وَالْفِعْل مصدر ويكذبون خبر كَانَ
قَوْله ﴿وَإِذا قيل لَهُم﴾ إِذا ظرف فَمن النَّحْوِيين من أجَاز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ قيل وَمِنْهُم من مَنعه وَقدر فعلا مضمرا يدل عَلَيْهِ الْكَلَام يعْمل فِي إِذا وَكَذَلِكَ قِيَاس مَا هُوَ مثله وَيجوز أَن يكون الْعَامِل قَالُوا وَهُوَ جَوَاب إِذا وَقيل أَصْلهَا قَول على فعل ثمَّ نقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى الْقَاف فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا وفيهَا لُغَات من اشمام الْقَاف الضَّم وَمِنْهُم من يضم على أَصْلهَا فَتبقى الْوَاو على حَالهَا وَكَذَلِكَ قِيَاس مَا شابهه وَأَجَازَ الْأَخْفَش قيل بِالْيَاءِ وَضم الْقَاف وَهَذَا شَاذ لَا قِيَاس لَهُ وَكَانَ ابْن كيسَان يُسَمِّي الاشمام إِشَارَة وَهُوَ لَا يسمع وَكَانَ يُسَمِّي الرّوم أشماما وَهُوَ يسمع بِصَوْت خَفِي وَلَهُم فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعل لقيل
قَوْله ﴿أَلا إِنَّهُم﴾ كسرت أَن لِأَنَّهَا مُبْتَدأ بهَا وَيجوز فتحهَا إِذا جعلت أَلا بِمَعْنى حَقًا
قَوْله ﴿نَحن مصلحون﴾ ابْتِدَاء وَخبر وَمَا فِي إِنَّمَا كافه لَان عَن الْعَمَل وَنحن اسْم مُضْمر مَبْنِيّ يَقع للاثنين وَالْجَمَاعَة والمخبرين عَن أنفسهم وللواحد الْجَلِيل
1 / 78
وانما ضمت نون نَحن دون أَن تكسر أَو تفتح لِأَنَّهُ اسْم مُضْمر يَقع للْجمع وَالْوَاو من عَلَامَات الْجمع والضمة اخت الْوَاو فَكَانَت الضمة أولى بِهِ وَقيل هُوَ كقبل وَبعد إِذْ هِيَ تدل على الْإِخْبَار عَن اثْنَيْنِ وَعَن أَكثر وَقيل هِيَ مثل حَيْثُ تحْتَاج إِلَى شَيْئَيْنِ فَقَوِيت بالضمة إِذْ هِيَ أقوى الحركات وَقيل هِيَ من عَلَامَات الْمَرْفُوع فحركت بِمَا يشبه الرّفْع وَهُوَ الضَّم وَقيل أَن أَصْلهَا نَحن بِضَم الْحَاء فنقلت حَرَكَة الْحَاء إِلَى النُّون
قَوْله ﴿هم المفسدون﴾ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر ان وَيجوز أَن تكون هم فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب أَو تكون توكيدا للهاء وَالْمِيم فِي انهم والمفسدون الْخَبَر
قَوْله ﴿كَمَا آمن﴾ الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره قَالُوا أتؤمن إِيمَانًا مثل مَا آمن السُّفَهَاء وَكَذَلِكَ الْكَاف الأولى
قَوْله ﴿يعمهون﴾ حَال من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي يمدهُمْ
قَوْله ﴿اشْتَروا الضَّلَالَة﴾ أَصله اشتريوا فقلبت الْيَاء ألفا وَقيل اسكنت اسْتِخْفَافًا وَالْأول أحسن وأجرى على الْأُصُول ثمَّ حذفت فِي الْوَجْهَيْنِ لسكونها وَسُكُون وَاو الْجمع بعْدهَا وحركت الْوَاو فِي اشْتَروا لالتقاء الساكنين واختير لَهَا الضَّم للْفرق بَين وَاو الْجمع وَالْوَاو الْأَصْلِيَّة نَحْو
1 / 79
لَو استقاموا وَقَالَ الْفراء حركت بِمثل حَرَكَة الْيَاء المحذوفة قبلهَا وَقَالَ ابْن كيسَان الضمة فِي الْوَاو أخف من الْكسر فَلذَلِك اختيرت إِذْ هِيَ من جِنْسهَا وَقَالَ الزّجاج اختير لَهَا الضَّم إِذْ هِيَ وَاو جمع فضمت كَمَا ضمت النُّون فِي نَحن إِذْ هُوَ جمع أَيْضا وَقد قرىء بِالْكَسْرِ على الأَصْل وَأَجَازَ الْكسَائي همزها لانضمامها وَفِيه بعد وَقد قُرِئت بِفَتْح الْوَاو اسْتِخْفَافًا
قَوْله ﴿أَضَاءَت مَا حوله﴾ مَا فِي مَوضِع نصب بأضاءت وَالنَّار فاعلة وَهِي مضمرة فِي أَضَاءَت وَجَوَاب فَلَمَّا مَحْذُوف تَقْدِيره فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله طفئت
قَوْله ﴿لَا يبصرون﴾ فِي مَوضِع الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي تَركهم قَوْله صم مَرْفُوع على اضمار مُبْتَدأ وَكَذَلِكَ مَا بعده وَيجوز نصب ذَلِك كُله على الْحَال من الْمُضمر فِي تَركهم وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَحَفْصَة وَيجوز نصب ذَلِك على اضمار أَعنِي
1 / 80
قَوْله ﴿فهم لَا يرجعُونَ﴾ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال أَيْضا من الْمُضمر فِي تَركهم
قَوْله ﴿كصيب﴾ أَصله صيوب على وزن فيعل ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء وَيجوز التَّخْفِيف فِي الْيَاء وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ فعيل أَصله صويب ثمَّ أدغم ويلزمهم الْإِدْغَام فِي طَوِيل وعويل وَذَلِكَ لَا يجوز
قَوْله ﴿فِيهِ ظلمات﴾ ابْتِدَاء وَخبر مقدم وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع النَّعْت للصيب وَالْكَاف من كصيب فِي مَوضِع رفع عطف على الْكَاف فِي قَوْله كَمثل الَّذِي أَو هِيَ فِي مَوضِع رفع خبر لقَوْله مثلهم تَقْدِيره مثلهم مثل الَّذِي استوقد نَارا أَو مثل صيب وان شِئْت أضمرت مُبْتَدأ تكون الْكَاف خبر تَقْدِيره أَو مثلهم مثل صيب
قَوْله ﴿يجْعَلُونَ﴾ فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تَركهم أَي تَركهم فِي ظلمات غير مبصرين غير عاقلين جاعلين أَصَابِعهم وان شِئْت جعلت هَذِه الْأَحْوَال مُنْقَطِعَة عَن الأول مستأنفة فَلَا يكون لَهَا مَوضِع من الْإِعْرَاب وَقد قيل أَن يجْعَلُونَ حَال من الْمُضمر فِي فِيهِ وَهُوَ يعود على الصيب كَأَنَّهُ قَالَ جاعلين أَصَابِعهم فِي آذانهم من صواعقه يَعْنِي الصيب
قَوْله ﴿حذر الْمَوْت﴾ مفعول من أجل هـ
قَوْله ﴿وَالله مُحِيط﴾ ابْتِدَاء وَخبر وأصل مُحِيط محوط فنقلت
1 / 81
كسرة الْوَاو إِلَى الْحَاء فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا
قَوْله ﴿يكَاد الْبَرْق﴾ يكَاد فعل للمقاربة إِذا لم يكن مَعَه نفي قَارب الْوُقُوع وَلم يَقع نَحْو هَذَا وَإِذا صَحبه نفي فَهُوَ وَاقع بعد ابطاء نَحْو قَوْله فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ أَي فعلوا الذّبْح بعد ابطاء وَكَاد الَّذِي للمقاربة أَصله كود ويكاد يكود فقلبت الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا كخاف يخَاف
قَوْله ﴿كلما﴾ نصب على الظّرْف بمشوا وَإِذا كَانَت كلما ظرفا فالعامل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي هُوَ جَوَاب لَهَا وَهُوَ مَشوا لِأَن فِيهَا معنى الشَّرْط فَهِيَ تحْتَاج إِلَى جَوَاب وَلَا يعْمل فِيهَا أَضَاء لِأَنَّهُ فِي صلَة مَا وَمثله كلما رزقوا الْجَواب قَالُوا وَهُوَ الْعَامِل فِي كل وَمَا اسْم نَاقص صلته الْفِعْل الَّذِي يَلِيهِ وَفِي كلما معنى الشَّرْط
قَوْله ﴿ذهب﴾ وأذهب بِمَعْنى لَكِن الْبَاء تحذف إِذْ دخلت الْهمزَة
قَوْله ﴿يَا أَيهَا النَّاس﴾ أَي منادى مُفْرد مضموم وَالنَّاس نعت لَهُ وَلَا يجوز نصب النَّاس عِنْد أَكثر النَّحْوِيين لِأَنَّهُ نعت لَا يجوز حذفه فَهُوَ المنادى فِي الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ يَا نَاس وَأَجَازَ الْمَازِني نَصبه على الْموضع كَمَا يجوز
1 / 82