وكان ما دعاني إلى تأليف كتابي هذا في التاريخ، وأخبار العالم، ما مضى في أكناف الزمان من أخبار الأنبياء والملوك وسيرها والأمم مساكنها محبة احتذاء الشاكلة التي قصدها العلماء، وقفاها الحكماء، أن يبقى للعالم ذكرا محمودا، وعلما منظوما عتيدا؛ فإنا وجدنا مصنفي كتب في ذلك مجيدا ومقصرا، ومسهبا ومختصرا ووجدنا الأخبار زائدة مع زيادة الأيام، حادثة مع حدوث الأزمان، وربما غاب البارع منها على فطن الذكي، ولكل واحد قسط يخصه بمقدار عنايته، ولكل إقليم عجائب يقتصر على علمها أهله، وليس من لزم جهة وطنه وقنع بما نمي إليه من الأخبار عن إقليمه كمن قسم عمره على قطع الأقطار، ووزع أيامه بين تقاذف الأسفار، واستخراج كل دقيق من معدنه، وإثارة كل نفيس من مكمنه. وقد ألف الناس كتبا في التاريخ والأخبار ممن شلف وخلف، فأصاب البعض وأخطأ البعض، وكل قد اجتهد بغاية إمكانه، وأظهر مكنون جوهر فطنته: كوهب بن منبه، وأبي مخنف لوط بن يحمى العامري، ومحمد بن إسحاق، والواقدي، وابن الكلبي، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي العباس الهمداني، والهيثم بن عدي الطائي، والشرقي بن القطامي، وحماد الراوية، والأصمعي، وسهل بن هارون، وعبد الله بن المقفع، واليزيدي، ومحمد بن عبد الله العتبي، والأموي، وأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري، والنضر بن شميل، وعبد الله بن عائشة، وأبي عبيد القاسم بن مسلأم، وعلي بن محمد المدائني، ودماذ بن رفيع بن سلمة، ومحمد بن سلام الجمحي، وأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وأبي زيد عمر بن شبة النميري، والزرقيئ الأنصاري، وأبي السائب المخزومي، وعلي بن محمد بن سليمان النوفلي، والزبير بن بكار، الإنجيلي، والرياشي، وابن عابد، وعمارة بن وسيمة المصري، وأبي حسان الزيادي، ومحمد بن موسى الخوارزمي، وأبي جعفر محمد بن أبي لسري، ومحمد بن الهيثم بن شبابة الخراساني صاحب كتاب الدولة، إسحاق بن إبراهيم الموصلي صاحب كتاب الأغاني وغيره من الكتب، والخليل بن الهيثم الهرتمي صاحب كتاب الحيل والمكايد في الحروب غيره، ومحمد بن يزيد المبرد الأزدي، ومحمد بن سليمان المنقري الجوهري، ومحمد، بن زكريا الغلابي المصري المصنف للكتاب المترجم كتاب الأجواد وغيره، وابن أبي الدنيا مؤدب المكتفي بالله، وأحمد بن محمد الخزاعي المعروف بالخاقاني الأنطاكي، وعبد الله بن محمد بن حفوظ البلوي الأنصاري صاحب أبي يزيد عمارة بن زيد المديني، أحمد بن محمد بن خالد البرقي الكاتب صاحب التبيان، وأحمد بن أبي طاهر صأحب الكتاب المعروف بأخبار بغداد وغيره، وابن الوشاء، علي بن مجاهد صاحب الكتاب المعروف بأخبار الأمويين وغيره، ومحمد بن صالح بن النطاح صاحب كتاب الدولة العباسية وغيره، ويوسف بن إبراهيم صاحب أخبار إبراهيم بن المهدي وغيرها، ومحمد بن الحارث الثعلبي صاحب الكتاب المعروف بأخلاق الملوك المؤلف للفتح بن خاقان وغيره، وأبي سعيد السكري صاحب كتاب أبيات العرب، وعبيد الله بن عبد الله بن خرداذبة؛ فإنه كان إماما في التأليف متبرعا في ملاحة التصنيف، أتبعه من يعتمد، وأخذ منه، ووطىء على عقبه، وقفا أثره، وإذا أردت أن تعلم صحة ذلك فانظر إلى كتابه الكبير في التاريخ فإنه اجمع هذه الكتب جدا، وأبرعها نظما، وأكثرها علما، وأحوى لأخبار الأمم وملوكهم وسيرها من الأعاجم وغيرها، ومن كتبه النفيسة كتابه في المسالك والممالك وغير ذلك مما إذا طلبته وجدته، وإذا تفقدته حمدته، وكتاب التاريخ من المولد إلى الوفاة، ومن كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الخلفاء والملوك إلى خلافة المعتضد بالله، وما كان من الأجداث والكوائن في أيامهم وأخبارهم، تأليف محمد بن علي الحسيني العلوي الدينوري، وكتاب التاريخ لأحمد بن يحمى البلاذري، وكتابه أيضا في البلدان وفتوحها صلحا وعنوة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وما فتح في أيامه وعلى يد الخلفاء بعده، وما كان من الأخبار في ذلك، ووصف البلدان في الشرق والغرب والشمال والجنوب ، ولا نعلم في فتوح البلدان أحسن منه، وكتاب داود بن الجراح في التاريخ الجامع لكثير من أخبار الفرس وغيرها من الأمم، وهو جد الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجراح، وكتاب التاريخ الجامع لفنون من الأخبار والكوائن في الأعصار قبل الإسلام وبعده، تأليف أبي عبد الله محمد بن الحسين ابن سوار المعروف بابن أخت عيسى بن المنجم على ما أنبأت به التوراة وغير ذلك من أخبار الأنبياء والملوك وكتاب التاريخ، وأخبار الأمويين ومناقبهم، وذكر فضائلهم، وما أتوا به عن غيرهم، وما أحدثوه من السير في أيامهم، تأليف أبي عبد الرحمن خالد بن هشام الأموي، وكتاب القاضي أبي بشر الدولابي في التاريخ، والكتاب الشريف تأليف أبي بكر محمد بن خلف بن وكيع القاضي في التاريخ وغيره من الأخبار، وكتاب السير والأخبار لمحمد بن خالد الهاشمي، وكتاب التاريخ والسير " لأبي إسحاق بن سليمان الهاشمي، وكتاب سير الخلفاء لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي صاحب كتاب المنصوري في الطب وغيره، فأما عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري فممن كثرت كتبه واتسع تصنيفه، ككتابه المترجم بكتاب المعارف وغيره من مصنفاته.د بن زكريا الرازي صاحب كتاب المنصوري في الطب وغيره، فأما عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري فممن كثرت كتبه واتسع تصنيفه، ككتابه المترجم بكتاب المعارف وغيره من مصنفاته.
ثناؤه على ابن جرير الطبري
وأما تاريخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الزاهي على المؤلفات، والزائد على الكتب المصنفات، فقد جمع أنواع الأخبار، وحوى فنون الآثار، واشتمل على صنوف العلم، وهو كتاب تكثر فائدته، وتنفع عائدته، وكيف لا يكون كذلك.! ومؤلفه فقيه عصره، وناسك دهره، إليه انتهت علوم فقهاء الأمصار، وحملة السنن والآثار، وكذلك تاريخ أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي النحوي الملقب بنفطويه فمحشؤ من ملاحة كتب الخاصة، مملوء من فوائد السادة، وكان، أحسن أهل عصره تأليفا، وأملحهم تصنيفا، وكذلك سلك محمد بن يحمى الصولي في كتابه المترجم بكتاب الأوراق في أخبار الخلفاء من بني العباس وبني أمية، وشعرائهم، ووزرائهم، فإنه ذكر غرائب لم تقع لغيره، وأشياء تفرد بها لأنه شاهدها بنفسه، وكان محظوظا من العلم، ممحودا من المعرفة مرزوقا من التصنيف وحسن التأليف، وكذلك كتاب الوزراء وأخبارهم لأبي الحسن علي بن الحسن المعروف بابن الماشطة، فإنه بلغ في تصنيفه إلى آخر أيام الراضى بالله.
ثناؤه على قدامة بن جعفر
وكذلك أبو الفرج قدأمة بن جعفر الكاتب؛ فإنه كان حسن التأليف، بارع التصنيف، موجزا للألفاظ، مقربا للمعاني، وإذا أردت علم ذلك فانظر في كتابه في الأخبار المعروف بكتاب زهر الربيع، وأشرف على كتابه المترجم بكتاب الخراج؛ فإنك تشاهد بهما حقيقة ما قد ذكرنا، وصدق ما وصفنا، وما صنفه أبو القاسم جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي الفقيه في كتابه في الأخبار الذي يعارض فيه كتاب الروضة للمبرد ولقبه بالباهر، وكتاب إبراهيم بن ماهويه الفارسي الذي عارض فيه المبرد في كتابه الملقب بالكامل، وكتاب إبراهيم بن موسى الواسطي الكاتب في أخبار الوزراء الذي عارض فيه كتاب محمد بن داود بن الجراح في الوزراء، وكتاب علي بن الفتح الكاتب المعروف بالمطوق في أخبار عدة من وزراء المقتدر بالله، وكتاب زهرة العيون وجلاء القلوب تأليف المصري، وكتاب التاريخ تأليف عبد الرحمن بن عبد الرازق المعروف بالجوزجاني السعدي، وكتاب التاريخ وأخبار الموصل تأليف أبي ذكره الموصلي، وكتاب التاريخ تأليف أحمد بن يعقوب المصري في أخبار العباسيين وغيرهم، وكتاب التاريخ في أخبار الخلفاء من بني العباس وغيرهم لعبد الله بن الحسين بن سعد الكاتب، وكتاب محمد بن مزيد بن أبي الأزهر في التاريخ وغيره، وكتابه المترجم بكتاب الهرج والأحداث.
نقد المؤلف لثابت بن قرة
पृष्ठ 4