فصل
واعلم أن الاسم المعرب المفرد ينقسم إلى قسمين: صحيح ومعتل، فالصحيح ما لم يكن حرف إعرابه ألفًا ولا ياء قبلها كسرة، والمعتل ما كان بهذه الصفة. فالصحيح نحو زيد وعمرو وضارب وقاتل، يجري بوجوه الإعراب الثلاثة ويدخله التنوين إن كان منصرفًا، والمعتل يسمى ما كان منه في لآخره ياء قبلها كسرة نحو القاضي والداعي والعمي والضني منقوصًا، لأنه نقص في حالتي الرفع والجر، فلم يظهر فيه إعراب، كقولك: هذا قاض ومررت بقاض، والأصل هذا قاضي ومررت بقاضي، فاستثقلت الضمة والكسرة على الياء مع كسرة ما قبلها، فحذفتا، فسكنت الياء، ولحق الاسم التنوين لأنه منصرف، والتنوين ساكن والياء ساكن، فحذفت لالتقاء الساكنين، واجتزئ بالكسرة قبلها في الدلالة عليها، وكان كونها ساكنة في الحالتين دليلًا على الإعرابين.
ويدلك على أن الأصل في ياء قاضٍ وما أشبهه من الأسماء المنقوصة أن تتحرك في الرفع والجر بحركتي الإعراب تحريك الشاعر إياها وردها إلى الأصل الذي كان لها وذلك إذا اضطر، كقوله في الرفع.
تراه وقد فات الرماة كأنه ... أمام الكلاب مصفي الخدّ أصلم (١)
هكذا أنشده صاحب الكتاب (٢) بالرفع، ففيه شاهد على هذا، ومن
_________
(١) الشاهد لأبي خراش الخذلي، خويلد بن مرة (ت ١٥/ ٦٣٦). مصغ: وصف من أصفى، إذا أمال رأسه كأنه يستمع، والأصلم: المستأصل الأذنين، ويقال للنعام مصلم، لأنها لا أذان لها ظاهرة. كأنه يصف ظليمًا قد فات لسرعة عدوه الرماة، وأخذ في عدود يميل برأسه يستمع للكلاب، وكأنه بلا آذان.
وهو في ديوان الهذليين بنصب "مصغى" ٢: ١٤٦، الخصائص ١: ٢٥٨، المنصف ٢: ٨١.
(٢) لم أجد هذا الشاهد بين شواهد الكتاب.
1 / 40