بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة وإهداء
هذه صحف لم تكتب اليوم، وفكر لم تولد حديثا وإنما هي صحف انتظمت منذ زمن يربو على ربع قرن، وكادت يومئذ أن تبرز بروزها اليوم، لكن الحوادث والكوارث كانت حواجز قوية عرقلت خطاها، فاضطرتها إلى أن تكمن وتكن، فتريثت تلتمس من غفلات الدهر فرصة تستجمع فيها ما أخرت طبعها، ومست وضعها.
أما فكرة الكتاب فقد سبقت مراجعات سبقا بعيداص، إذ كانت تلتمع في صدري منذ شرخ الشباب، التماع البرق في طيات السحاب، وتغلي في دمي غليان الغيرة، تتطلع إلى سبيل سوي يوقف المسلمين على حد يقطع دابر الشغب بينهم، ويكشف هذه الغشاوة عن أبصارهم، لينظروا إلى الحياة من ناحيتها الجدية، راجعين إلى الأصل الديني المفروض عليهم، ثم يسيروا معتصمين بحبل الله جميعا، تحت لواء الحق إلى العلم والعمل، إخوة بررة يشد بعضهم أزر بعض.
لكن مشهد هؤلاء الإخوة المتصلين بمبدأ واحد، وعقيدة واحدة، كان وأسفاه مشهد خصومة عنيفة، تغلو في الجدال، غلو الجهال، حتى كأن التجالد في مناهج البحث العلمي من آداب المناظرة، أو أنه من قواطع الأدلة! ذلك ما يثير الحفيظة، ويدعو إلى التفكير، وذلك ما يبعث الهم والغم والأسف فما الحيلة؟ وكيف العمل؟ هذه ظروف ملمة في مئين من السنين، وهذه مصائب محدقة بنا من الأمام
--- *** 4 )
पृष्ठ 3