فما أفقت إلا به ورأيت في يده طاقة من آس يضرب بها منخري؛ فقلت في نفسي: ما ذا أقول له بعد هذا؟ وقمت وأنا والله أجد إلى ساعتي رائحة هذه الطاقة من الآس، وهي والله عندي لم تذو ولم تذبل (1) ولا تنقص من ريحها شيء؛ وأوصيت أهلي أن يضعوها في كفني، فقلت: يا سيدي من وصيك؟ قال: من فعل مثل فعلي، قالت: فعشت إلى أيام علي بن الحسين (عليه السلام).
«قال زر بن حبيش خاصة دون غيره: وحدثني جماعة من التابعين سمعوا هذا الكلام من تمام حديثها، منهم: مينا مولى عبد الله بن عوف وسعيد بن جبير مولى بني أسد، سمعاها تقول هذا، وحدثني سعيد بن المسيب المخزومي ببعضه عنها».
قالت: فجئت إلى علي بن الحسين (عليه السلام) وهو في منزله قائما يصلي، وكان يطول فيها ولا يتحوز (2) فيها وكان يصلي ألف ركعة في اليوم والليلة فجلست مليا فلم ينصرف من صلاته، فأردت القيام فلما هممت به حانت مني التفاتة إلى خاتم في إصبعه؛ عليه فص حبشي، فإذا هو مكتوب مكانك يا أم سليم أنبئك بما جئتني له قالت: فأسرع في صلاته فلما سلم قال لي: يا أم سليم! ايتيني بحصاة- من غير أن أسأله عما جئت له- فدفعت إليه حصاة من الأرض فأخذها فجعلها بين كفيه فجعلها كهيئة الدقيق السحيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم ختمها فثبت فيها النقش؛ فنظرت والله إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين (عليه السلام) فقلت له: فمن وصيك جعلني الله فداك؟ قال: الذي يفعل مثل ما فعلت ولا تدركين من بعدي
पृष्ठ 21