وبعد وفاتك؛ فبين لي بنفسي أنت يا رسول الله من وصيك؟ فقال رسول الله: إن لي وصيا واحدا في حياتي وبعد وفاتي؛ قلت له: من هو؟ فقال: ايتيني بحصاة، فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ثم فركها بيده كسحيق الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه، فبدا النقش فيها للناظرين، ثم أعطانيها وقال: يا أم سليم من استطاع مثل هذا فهو وصيي؛ قالت: ثم قال لي: يا ام سليم وصيي من يستغني بنفسه في جميع حالاته كما أنا مستغن، فنظرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد ضرب بيده اليمنى إلى السقف وبيده اليسرى إلى الأرض قائما لا ينحني فى حالة واحدة إلى الأرض؛ ولا يرفع نفسه بطرف قدميه، قالت: فخرجت فرأيت سلمان يكنف عليا ويلوذ بعقوته دون من سواه من أسرة محمد (صلى الله عليه وآله) (1) وصحابته على حداثة من سنه، فقلت في نفسي:
هذا سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي صاحب الأوصياء وعنده من العلم ما لم يبلغني، فيوشك أن يكون صاحبي، فأتيت عليا فقلت: أنت وصي محمد؟ قال: نعم وما تريدين؟ قلت له: وما علامة ذلك؟ فقال: ايتيني بحصاة؛ قالت: فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه؛ ثم فركها بيده، فجعلها كسحيق الدقيق؛ ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثم ختمها فبدا النقش فيها للناظرين، ثم مشى نحو بيته فاتبعته لأسأله عن الذي صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالتفت إلي ففعل مثل الذي فعله فقلت:
من وصيك يا أبا الحسن؟ فقال: من يفعل مثل هذا، قالت أم سليم: فلقيت الحسن بن علي (عليه السلام) فقلت: أنت وصي أبيك؟ هذا وأنا أعجب من صغره وسؤالي إياه، مع أني كنت عرفت صفتهم الاثني عشر إماما وأبوهم سيدهم وأفضلهم، فوجدت ذلك في الكتب الأولى، فقال لي: نعم أنا وصي أبي فقلت
पृष्ठ 19