وفي آخرها عاد موسى بن موسى القسوي إلى الخلاف، وكشف وجهه بالمعصية، فأفسد ما حوالي مدينة تطيله، وعاث حوز طرسونة وبرجة، وظاهره أخوه لأمه العلج ابن ونقه ببنبلونة، فخرج إليه بالصائفة عباس بن الوليد المعروف بالطبلي، فعاد إلى الطاعة، واستقال الزلة، وبذل إسماعيل ابنه رهينة، فعاد الأمير إلى القبول منه، والاستظهار عليه، وأخرج بيعته والتوثق منه وقبض رهينته خالد بن يحيى ومحمد بن الوليد ومطرف بن نصير، فتمموا سلمه، وتوثقوا من عهده، وجدد له الأمير الولاية على تطيلة، ودخل أخوه العلج ابن ونقه صاحب بنبلونة معه في الأمان، وقبض الأمناء المخرجون إلى موسى رهينته التي كانت ولده إسماعيل الذي هو لابنة عمه ميمونة، فأقبل عباس الطلبي بالعسكر إلى الحضرة لتأخر الوقت عن دخول أرض الحرب، وما تولى إسماعيل بن موسى رهينة أبيه موسى في يد الأمير عبد الرحمن أن هرب من يده عن قرطبة حانًا إلى ما فارقه من الشقاق، ذاهلًا عما كان فيه من غضارة المعيشة، لتوسعه في القطائع المنيفة والصلات الجزلة، فرفض ذلك كله، وسما للمعصية، وأمر الأمير بقص أثره، فلم يبعد أن جئ به إليه من طريق الثغر، وقد انتهى إلى وادي آنة فقبض عليه هناك بعض من عرف خبره، ورده للأمير عبد الرحمن بقرطبة، فعفا عنه، وأغضى عن زلته، وخلاه على ما كان عليه من سعة قطائعه.
وفيها سيلان عظيمان بنهر قرطبة في شهر رجب القمري الموافق لشهر ينير الشمسي رأس سنة العجم بالأندلس، عدًا في أمهات السيول، وحمل وادي شنيل أيضًا، وطغى مدة، وأخرب حنيتين من قنطرة مدينة إستجة، وأبطل عددًا من أرجائها، وطمى السيل أيضًا بكورة إشبيلية التي بها قراره، فذهب مده في مجتمعه هناك بست عشرة قرية ما بين البحر وحاضرة إشبيلية...........
1 / 146